اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لِّلطَّـٰغِينَ مَـَٔابٗا} (22)

قوله : { لِّلطَّاغِينَ } يجوز أن يكون صفة ل «مِرْصَاداً » ، وأن يكون حالاً من «مآباً » كان صفته فلما تقدَّم نصبَ على الحال ، وعلى هذين الوجهين يتعلق بمحذوف ، ويجوز أن يكون متعلقاً بنفس «مِرْصَاداً » ، أو بنفس «مآباً » ؛ لأنه بمعنى مرجع .

قال ابن الخطيب{[59134]} : إن قيل بأن : «مِرصَاداً » للكافرين فقط ، كان قوله : «للطَّاغين » من تمام ما قبله ، والتقدير : كانت مرصاداً للطَّاغين ، ثم قوله : «مآباً » بدل قوله : «مرصاداً » ، وإن قيل : إنَّ مرصاداً مطلقاً للكفَّار والمؤمنين كان قوله تعالى : { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } كلاماً تاماً وقوله تعالى : { لِّلطَّاغِينَ مَآباً } كلاماً مبتدأ ، كأنه قيل : إنَّ جهنَّم كانت مرصاداً للكل ، و«مآباً » للطَّاغين خاصَّة ، فمن ذهب إلى القول الأول لم يقف على قوله : «مرصاداً » ومن ذهب إلى القول الثاني وقف عليه .

قال القرطبيُّ{[59135]} : «للطَّاغِينَ مآباً » بدلٌ من قوله : «مِرصَاداً » ، والمَآبُ «المرجع ، أي : مرجعاً يرجعون إليه ، يقال : آب يئوب أوْبَة : إذا رجع .

وقال قتادة : مأوى ومنزلاً{[59136]} ، والمراد بالطاغين من طغى في دينه بالكفر ودنياه بالظلم .


[59134]:ينظر: السابق 31/13.
[59135]:ينظر الجامع لأحكام القرآن 19/116.
[59136]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/403)، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/501)، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.