اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ مِهَٰدٗا} (6)

قوله : { أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَاداً } لمَّا حكى الله - تعالى - عنهم إنكار البعث والحشر ، وأراد إقامة الدلائل على صحة الحشر قدم لذلك مقدمة في بيان كونه - تعالى - قادراً على جميع الممكنات عالماً بجميع المعلومات ؛ لأنه إذا ثبت هذان الأصلان ثبت القول بصحة البعث ، فأثبت هذين الأصلين بأن عدَّد أنواعاً من مخلوقاته المتقنةِ المحكمة ؛ فإنَّ هذه الأشياء من جهة حدوثها تدل على القدرة ، ومن جهة إحكامها وإتقانها تدل على العلم ، وإذا ثبت هذان الأصلان ، وثبت أن الأجسام متساوية في قبول الصفات والأعراض ثبت لا محالة كونه قادراً على تخريب الدنيا بسمواتها وكواكبها وأرضها ، وعلى إيجاد عالم الآخرة ، فهذا وجه النظم .

قوله : «مِهَاداً » . مفعول ثان ؛ لأنَّ الجعل بمعنى التصيير ، ويجوز أن يكون بمعنى الخلق ، فتكون «مِهَاداً » حالاً مقدرة .

وقرأ العامة : «مهاداً » .

ومجاهد وعيسى{[59110]} وبعض الكوفيين «مهداً » ، وتقدمت هاتان القراءتان في سورة «طه » ، وأن الكوفيين قرأوا «مهداً » في «طه » و«الزخرف » فقط ، وتقدم الفرق بينهما ثمَّة .


[59110]:ينظر: الوجيز 5/424، والبحر المحيط 8/403، والدر المصون 6/462.