قوله تعالى : { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً }
قال ابن الخطيب{[59159]} : هذه «الفاء » للجزاء ، فنبَّه على أنَّ الأمر بالذوق معلَّل بما تقدم شرحه من قبائح أفعالهم ، فهذه «الفاء » أفادت عين فائدة قوله : «جزاء وفاقاً » .
فإن قيل : أليْسَ أنه - تعالى - قال في صفة الكفار : { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ الله } [ البقرة : 174 ] .
فها هنا لمَّا قال تعالى لهم : «فذوقوا » ، فقد كلَّمهُمْ ؟ .
فالجواب : قال أكثر المفسرين : ويقال لهم : «فَذُوقُوا » .
ولقائلٍ أن يقول : قوله : { فَلَن نَّزِيدَكُمْ } لا يليق إلا بالله ، والأقرب في الجواب أن يقال : قوله : { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ } [ آل عمران : 77 ] معناه : ولا يكلمهم بالكلام الطيب النافع ، فإن تخصيص العموم سائغ عند حصول القرينة ، فإن قوله : { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ } [ آل عمران : 77 ] إنما ذكره لبيان أنَّه - تعالى - لا يقيم لهم وزناً ، وذلك لا يحصل إلا من الكلام الطيب .
فإن قيل : إن كانت هذه الزيادة غير مستحقة كانت ظلماً ، وإن كانت مستحقة كان تركها في أول الأمر إحساناً ، والكريم لا يليق به الرجوع في إحسانه .
والجواب : أنَّها مستحقةٌ ، ودوامها زيادة لفعله بحسب الدوام ، وأيضاً : فترك المستحق في بعض الأوقات لا يوجب الإبراء والإسقاط .
قال ابنُ الخطيبِ{[59160]} : قوله تعالى : { فَذُوقُواْ } يفيد معنى التعليل ، وهو التفات من الغيبةِ للخطابِ ، فهو دالٌّ على الغضبِ ، وفيه مبالغاتٌ : منها أنَّ «لن » للتأكيد ، ومنها الالتفات ، ومنها إعادة قوله : «فذوقوا » بعد ذكر العذاب ، قال أبو بزرة رضي الله عنه : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أشد آية في القرآن ، قال عليه الصلاة والسلام : قوله : { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً }{[59161]} [ النبأ : 30 ] أي : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } [ النساء : 56 ] ، و{ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } [ الإسراء : 97 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.