اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَسَوۡفَ يَرۡضَىٰ} (21)

قوله : { وَلَسَوْفَ يرضى } . هذا جواب قسم مضمر ، والعامة : على «يَرضَى » مبنياً للفاعل وقرئ{[60371]} : ببنائه للمفعول ، من أرضاه الله تعالى .

[ وهو قريب من قوله تعالى في آخر سورة طه { لَعَلَّكَ ترضى }{[60372]} [ طه : 130 ] .

ومعنى الآية : سوف يعطيه الله تعالى في الجنَّة ما يرضى ، بأن يعطيه أضعاف ما أنفق .

قال ابن الخطيب{[60373]} : وعندي فيه وجه آخر ، وهو أن المراد أنه إنما طلب رضوان الله تعالى ، وليس يرضى الله عنه ، قال : وهذا أعظم من الأول ؛ لأن رضا الله أكمل للعبد من رضاه عن ربِّه ، والله أعلم .

ختام السورة:

روى الثعلبيُّ عن أبي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ { والليل } أعْطَاهُ اللهُ حتَّى يَرْضَى ، وعافاهُ اللهُ تعالى من العُسْرِ ، ويسَّر لهُ اليُسْرَ »{[1]} .

قال الثعلبي : وإذا ثبت نزولها ب «مكة » ضعف تأويلها بقصة أبي الدحداح ، وقوي تأويلها بنزولها في حق أبي بكر - رضي الله عنه - لأنه كان ب «مكة » ، وإنفاقه ب «مكة » وقصة أبي الدحداح كانت بالمدينة .

وروي عن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رحم اللهُ أبا بَكْرٍ ، زوَّجنِي ابنَتُه ، وحَملنِي إلى دَارِ الهِجْرَةِ ، وأعْتَقَ بلالاً مِنْ مَالهِ »{[2]} . والله أعلم .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[2]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/605) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
[60371]:ينظر: المحرر الوجيز 5/492، والبحر المحيط 8/479، والدر المصون 6/536.
[60372]:سقط من ب.
[60373]:الفخر الرازي 31/187.