تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَيَبۡلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلصَّيۡدِ تَنَالُهُۥٓ أَيۡدِيكُمۡ وَرِمَاحُكُمۡ لِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (94)

قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد } في قوله ليبلونكم تأويلان : أحدهما : معناه ليكلفنكم ، والثاني : ليختبرنكم قاله قطرب والكلبي . وقي قوله { من الصيد } قولان : أحدهما : أن ' من ' للتبعيض في هذا الموضع لأن الحكم يتعلق بصيد البر دون البحر ، وبصيد الحرم والإحرام دون الحل والإحلال ، والثاني : أن ' من ' في هذا الموضع داخلة للتجنيس نحو قوله : { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } [ الحج : 30 ] قاله الزجاج . { تناله أيديكم ورماحكم } فيه تأويلان ، أحدهما : ما تناله [ أيدينا ] البيض ، ورماحنا الصيد قاله مجاهد ، والثاني : ما تناله أيدينا الصغار ورماحنا الكبار قاله ابن عباس .

{ ليعلم الله من يخافه بالغيب } فيه أربعة تأويلات أحدها : أن معنى ليعلم ليرى فعبّر عن الرؤية بالعلم لأنها تؤول إليه قاله الكلبي ، والثاني : معناه ليعلم أولياء الله من يخافه بالغيب ، ' والثالث : معناه ليعلموا أنّ الله يعلم من يخافه بالغيب ' والرابع : معناه ليخافوا الله بالغيب والعلم مجاز .

وقوله { بالغيب } يعني في السر كما يخافونه في العلانية ، { فمن اعتدى بعد ذلك } يعني فمن اعتدى في قتل الصيد بعد ورود النهي { فله عذاب أليم } أي مؤلم قال الكلبي نزلت يوم الحديبية وقد غشى الصيد الناس وهم محرمون بعمرة .