وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد )
وليس فيه بيان أنه ابتلى بالأمر فيه أو بالنهي ، لكن بيانه في آية أخرى ؛ إنما كان الابتلاء بالنهي عن الاصطياد بقوله تعالى : ( وإذا حللتم فاصطادوا )[ الآية : 2 ] . ودل هذا على أن المحرم كان منهيا عن الاصطياد بقوله : ( وإذا حللتم ) ، وأن الابتلاء الذي ذكر في الآية كان بالنهي عن الاصطياد ، والله أعلم .
ثم اختلف في الآية : قال بعضهم : النهي ( بشيء من الصيد ) لأهل الحرم . ألا ترى أنه روي في الخبر [ أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ][ في الأصل وم : قال ] : «لا ينفر صيدها » . وأما المحرم فإنما نهي عن الاصطياد بقوله تعالى : ( وإذا حللتم فاصطادوا )[ الآية : 2 ] ، وبقوله تعالى : ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم )[ الآية : 95 ] .
وقال آخرون : الابتلاء بالنهي عن الاصطياد للمحرمين ، وفي قوله تعالى : ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم )[ الآية : 95 ] نهى عن قتله . وهناك نهي عن أخذه بقوله تعالى : ( تناله أيديكم )[ الآية : 94 ] وقوله تعالى : ( بشيء من الصيد ) أي في بعض الصيد دون بعض ، لأن المحرم لم ينه عن أخذ صيد البحر بقوله تعالى : ( أحل لكم صيد البحر ) وقوله[ في الأصل وم : وقال ] تعالى : ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما )[ الآية : 96 ] . فذلك معنى قوله تعالى : ( بشيء من الصيد ) ، والله أعلم .
ويحتمل على التقديم والتأخير ، كأنه قال : ليبلونكم الله بشيء تناله أيديكم ورماحكم من الصيد ، والله أعلم .
ثم اختلف في قوله تعالى : ( تناله أيديكم ) قال بعضهم : ما تناله الأيدي هو البيض ، وعلى هذا يخرج قولنا : إن المحرم منهي عن أخذ البيض . فإن أخذ بيضا فإن عليه الجزاء .
والذي يدل على ذلك ما روى أبو هريرة رضي الله عنه ؛ قال : قال/139-أ/ رسول الله صلى الله عليه وسلم «في بيض النعام صيام يوم أو إطعام مسكين »[ البيهقي في الكبرى5/207 ] وعن كعب بن عجوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بيض نعام أصابه محرم بيمينه ، وعن ابن عباس رضي الله عنه بثمنه[ في الأصل وم : ثمنه ] أو قيمته . وعن ابن مسعود رضي الله عنه مثله .
وقال بعضهم : ( تناله أيديكم ) هو صيد الصغار ، وهي الفراخ التي لا تطير ، فيؤخذ بالأيدي .
وقوله تعالى : ( ورماحكم ) قال بعضهم : ما رميت ، وطعنت . وقيل في قوله تعالى : ( تناله أيديكم ) ما يؤخذ بغير سلاح ( ورماحكم ) ما يؤخذ بالسلاح من نحو النبل والرماح وغيرهما من السلاح .
ثم في الآية دلالة أن المحرم قد نهي عن أخذ الصيد ، وكذلك في قوله تعالى : ( فاصطادوا )[ الآية : 2 ] والاصطياد هو الأخذ لا القتل . وإنما النهي عن القتل في قوله تعالى : ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم )[ الآية : 95 ] .
وقوله تعالى : ( ليعلم الله من يخافه بالغيب ) ليعلم ما قد علم أنه يكون كائنا ، أو يقال : ليعلم ما قد علم غائبا عن الخلق شاهدا كقوله تعالى : ( عالم الغيب والشهادة ) الآية[ الأنعام : 73و . . . ] .
وقوله تعالى : ( من يخافه بالغيب ) اختلف فيه : قال بعضهم : ( يخافه بالغيب ) بغيب الناس أي يخافه وإن لم يكن بحضرته أحد . وقال آخرون : يخاف العذاب بالإخبار ، وإن لم يشهد ، ويصدّق . والله أعلم .
وقوله تعالى : ( فمن اعتدى بعد ذلك ) أي من استحلّ قتل الصيد بعد ما ورد النهي والتحريم ( فله عذاب أليم ) إن شاء عذّب ، وإن شاء عفا . وإذا عذب كان عذابه أليما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.