النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَيَبۡلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلصَّيۡدِ تَنَالُهُۥٓ أَيۡدِيكُمۡ وَرِمَاحُكُمۡ لِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (94)

قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَيَبْلَوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ منَ الصَّيْدِ } في قوله ليبلونكم تأويلان :

أحدهما : معناه ليكلِفنكم .

والثاني : ليختبرنكم ، قاله قطرب ، والكلبي .

وفي قوله : { منَ الصَّيْدِ } قولان :

أحدهما : أن { منَ } للتبعيض في هذا الموضع لأن الحكم متعلق بصيد البر دون البحر ، وبصيد الحرم والإِحرام دون الحل والإِحلال .

والثاني : أن { منَ } في هذا الموضع داخلة لبيان الجنس نحو قوله تعالى :

{ اجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ } [ الحج : 30 ] قاله الزجاج .

{ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ } فيه تأويلان :

أحدهما : ما تناله أيدينا : البيض ، ورماحنا : الصيد ، قاله مجاهد .

والثاني : ما تناله أيدينا : الصغار ، ورماحنا : الكبار ، قاله ابن عباس .

{ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالغَيْبِ } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : أن معنى ليعلم الله : ليرى ، فعبر عن الرؤية بالعلم لأنها تؤول إليه ، قاله الكلبي .

والثاني : ليعلم أولياؤه من يخافه بالغيب .

والثالث : لتعلموا أن الله يعلم من يخافه بالغيب .

والرابع : معناه لتخافوا الله بالغيب ، والعلم مجاز ، وقوله : { بِالغَيْبِ } يعني بالسر كما تخافونه في العلانية .

{ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ } يعني فمن اعتدى في الصيد بعد ورود النهي .

{ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي مؤلم ، قال الكلبي : نزلت يوم الحديبية وقد غشي الصيد الناس وهم محرمون .