السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَيَبۡلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلصَّيۡدِ تَنَالُهُۥٓ أَيۡدِيكُمۡ وَرِمَاحُكُمۡ لِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (94)

{ يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله } أي : ليختبرنكم { بشيء } يرسله لكم { من الصيد } وإنما بعض لأنه ابتلاهم بصيد البر خاصة وفائدة الابتلاء إظهار المطيع من العاصي وإلا فلا حاجة به إلى البلوى { تناله أيديكم } أي : ما لا يقدر أن يفرّ من الصيد لصغر أو غيره { ورماحكم } أي : ما يقدر على الفرار لكبر أو غيره { ليعلم الله } أي : علم ظهور فإنه تعالى يعلم ما تخفى الصدور { من يخافه بالغيب } أي : ليتميز من يخاف عقاب الله وهو غائب منتظر في الآخرة فيجتنب الصيد ، والمعنى : أنه سبحانه وتعالى يخرج بالامتحان ما كان من أفعال العباد في عالم الغيب إلى عالم الشهادة فيصير تعلق العلم به تعلقاً شهودياً كما كان تعلقاً غيبياً ليقوم بذلك على الفاعل الحجة في مجاري عاداتكم { فمن اعتدى } أي : فاصطاد { بعد ذلك } أي : الابتلاء بالصيد { فله عذاب أليم } أي : مؤلم وإنّ من لا يملك نفسه في مثل ذلك ولا يراعي حكم الله فيه فكيف به فيما تكون فيه النفس أميَل إليه وأحرص عليه .