الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَيَبۡلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلصَّيۡدِ تَنَالُهُۥٓ أَيۡدِيكُمۡ وَرِمَاحُكُمۡ لِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (94)

نزلت عام الحديبية ابتلاهم الله بالصيد وهم محرمون ، وكثر عندهم حتى كان يغشاهم في رحالهم فيستمكنون من صيده ، أخذاً بأيديهم وطعناً برماحهم { لِيَعْلَمَ الله مَن يَخَافُهُ بالغيب } ليتميز من يخاف عقاب الله وهو غائب منتظر في الآخرة فيتقي الصيد ، ممن لا يخافه فيقدم عليه { فَمَنِ اعتدى } فصاد { بَعْدَ ذَلِكَ } الابتلاء فالوعيد لاحق به .

فإن قلت : ما معنى التقليل والتصغير في قوله : { بِشَىْء مّنَ الصيد } ؟ قلت : قلل وصغر ليعلم أنه ليس بفتنة من الفتن العظام التي تدحض عندها أقدام الثابتين ، كالابتلاء ببذل الأرواح والأموال ، وإنما هو شبيه بما ابتلى به أهل أيلة من صيد السمك ، وأنهم إذا لم يثبتوا عنده فكيف شأنهم عند ما هو أشدّ منه . وقرأ إبراهيم : يناله ، بالياء .