التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{ءَاتُونِي زُبَرَ ٱلۡحَدِيدِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا سَاوَىٰ بَيۡنَ ٱلصَّدَفَيۡنِ قَالَ ٱنفُخُواْۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَعَلَهُۥ نَارٗا قَالَ ءَاتُونِيٓ أُفۡرِغۡ عَلَيۡهِ قِطۡرٗا} (96)

قوله : ( آتوني زبر الحديد ) ( زبر ) جمع زبرة وهي القطعة من الحديد{[2866]} ؛ أي ناولني قطع الحديد لأجعل بينكم وبينهم حاجزا كثيفا حصينا لا يقدرون أن يظهروا عليه ( حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا ) ( بين الصدفين ) أي بين جانبي الجبلين وسميا بالصدفين ؛ لأنهما يتصادفان ؛ أي يتقابلان . فقد وضع قطع الحديد بعضها على بعض حتى إذا حاذى بين رؤوس الجبلين ( قال انفخوا ) أمرهم أن ينفخوا على قطع الحديد بالأكيار ، وهو أن يوقد عليها الحطب والفحم بالمنافخ حتى تحمى وتتأجج عليه النار وهو قوله : ( حتى إذا جعله نارا ) ثم يؤتى بالنحاس المذاب فيفرغه على قطع الحديد وهو قوله : ( آتوني افرغ عليه قطرا ) والقطر ، بالكسر معناه النحاس الذائب{[2867]} .

وجملة ذلك : إيقاد النار على الحديد والحجارة حتى تحمى ، ثم يُصب عليها النحاس المذاب فتستمسك هذه المركبات وتتلاحم فيما بينها أشد التلاحم فتكون في غاية المناعة والصلابة ليعز اقتحامه أو الظهور عليه . وهو قوله : { فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا }


[2866]:- المصباح المنير جـ1 ص 268.
[2867]:- القاموس المحيط جـ2 ص 123.