النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ءَاتُونِي زُبَرَ ٱلۡحَدِيدِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا سَاوَىٰ بَيۡنَ ٱلصَّدَفَيۡنِ قَالَ ٱنفُخُواْۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَعَلَهُۥ نَارٗا قَالَ ءَاتُونِيٓ أُفۡرِغۡ عَلَيۡهِ قِطۡرٗا} (96)

{ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنها قطع الحديد ، قاله ابن عباس ومجاهد .

الثاني : أنه فلق الحديد ، قاله قتادة .

الثالث : أنه الحديد المجتمع ، ومنه الزَّبور لاجتماع حروفه في الكتابة ، قال تبع اليماني :

ولقد صبرت ليعلموه وحولهم *** زبر الحديد عشيةً ونهاراً

{ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ } قال ابن عباس ومجاهد والضحاك : الصدفان : جبلان ، قال عمرو بن شاش :

كلا الصدفين ينفذه سناها *** توقد مثل مصباح الظلام

وفيهما وجهان :

أحدهما : أن كل واحد منهما محاذ لصاحبه ، مأخوذ من المصادفة في اللقاء ، قاله الأزهري .

الثاني : قاله ابن عيسى ، هما جبلان كل واحد منهما منعزل عن الآخر كأنه قد صدف عنه .

ثم فيه وجهان :

أحدهما : : أن الصدفين اسم لرأسي الجبلين

الثاني : اسم لما بين الجبلين .

ومعنى قوله : { سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ } أي بما جعل بينهما حتى وارى رؤوسهما وسوّى بينهما .

{ قَالَ انفُخُوا } يعني أي في نار الحديد .

{ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً } يعني ليناً كالنار في الحر واللهب .

{ قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أن القطر النحاس ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك .

الثاني : أنه الرصاص حكاه ابن الأنباري .

الثالث : أنه الصفر المذاب ، قاله مقاتل ، ومنه قول الحطيئة :

وألقى في مراجل من حديد *** قدور الصُّفر ليس من البُرام

الرابع : أنه الحديد المذاب ، قاله أبو عبيدة وأنشد :

حُساماً كلون الملح صار حديده *** حراراً من أقطار الحديد المثقب

وكان حجارته الحديد وطينه النحاس .