{ ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } كرر هذا الحكم لتعدد علله ، فإنه تعالى ذكر للتحويل ثلاث علل . تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم بابتغاء مرضاته ، وجري العادة الإلهية على أن يولي أهل كل ملة وصاحب دعوة وجهة يستقبلها ويتميز بها ودفع حجج المخالفين على ما نبينه . وقرن بكل علة معلولها كما يقرن المدلول بكل واحد من دلائله تقريبا وتقريرا ، مع أن القبلة لها شأن . والنسخ من مظان الفتنة والشبهة فبالحري أن يؤكد أمرها ويعاد ذكرها مرة بعد أخرى . { لئلا يكون للناس عليكم حجة } علة لقوله { فولوا } ، والمعنى أن التولية عن الصخرة إلى الكعبة تدفع احتجاج اليهود بأن المنعوت في التوراة قبلته الكعبة ، وأن محمدا يجحد ديننا ويتبعنا في قبلتنا . والمشركين بأنه يدعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته { إلا الذين ظلموا منهم } استثناء من الناس ، أي لئلا يكون لأحد من الناس حجة إلا المعاندين منهم بإنهم يقولون ، ما تحول إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه وحبا لبلده ، أو بدا له فرجع إلى قبلة آبائه ويوشك أن يرجع إلى دينهم . وسمى هذه حجة كقوله تعالى : { حجتهم داحضة عند ربهم } لأنهم يسوقونها مساقها . وقيل الحجة بمعنى الاحتجاج . وقيل الاستثناء للمبالغة في نفي الحجة رأسا كقوله :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب
للعلم بأن الظالم لا حجة له ، وقرئ : { إلا الذين ظلموا منهم } . على أنه استئناف بحرف التنبيه . { فلا تخشوهم } فلا تخافوهم ، فإن مطاعنهم لا تضركم . { واخشوني } فلا تخالفوا ما أمرتكم به . { ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون } علة محذوف أي وأمرتكم لإتمامي النعمة عليكم وإرادتي اهتدائكم ، أو عطف على علة مقدرة مثل واخشوني لأحفظكم منهم ولأتم نعمتي عليكم ، أو لئلا يكون وفي الحديث " تمام النعمة دخول الجنة " . وعن علي رضي الله تعالى عنه " تمام النعمة الموت على الإسلام " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.