ثم عطف عليه ما هو أنفس منه عندهم ، وأقرب إليه في المعاني المذكورة ، فقال تعالى معلقاً ب " نسقيكم " { ومن ثمرات النخيل والأعناب } .
ولما كان لهم مدخل في اتخاذ ما ذكر منه ، بخلاف اللبن الذي لا صنع لهم فيه أصلاً ، أسند الأمر إليهم ، وليكون ذلك إشارة إلى كراهة السكر ، وتوطئة للنهي عنه ، في قوله مستأنفاً : { تتخذون } ، أي : باصطناع منكم وعلاج ، ولأجل استئناف هذه الجملة ، كان لا بد من قوله : { منه } ، أي : من مائه ، وعبر عن السكر بالمصدر ، إبلاغاً في تقبيحه ، وزاد في الإبلاغ بالتعبير بأثقل المصدرين ، وهو المحرك ، يقال : سكر سكْراً وسكَراً مثل رشد رشْداً ورشَداً ، ونحل نحْلاً ونحَلاً ، فقال تعالى : { سكراً } ، أي : ذا سكر ، منشّياً ، مطرباً ، سادّاً لمجاري العقل ، قبيحاً غير مستحسن للرزق . { ورزقاً حسناً } ، لا ينشأ عنه ضرر في بدن ولا عقل ، من الخل والدبس وغيرهما ، ولا يسد شيئاً من المجاري ، بل ربما فتحها ، كالحلال الطيب ، فإنه ينير القلب ، ويوسع العقل ، والأدهان كلها تفتح سدد البدن ، وهذا كما منحكم سبحانه العقل ، الذي لا أحسن منه ، فاستعمله قوم على صوابه في الوحدانية ، وعكس آخرون فدنسوه بالإشراك ؛ قال الرماني : قيل : السكر : ما حرم من الشراب ، والرزق الحسن : ما أحل منه - عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم ، والشعبي ، وأبي رزين ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، رضي الله عنهم . والسكر في اللغة على أربعة أوجه : الأول : ما أسكر . الثاني : ما أطعم من الطعام . الثالث : السكون . الرابع : المصدر من سكر ، وأصله انسداد المجاري ، مما يلقي فيها ، ومنه السكر - يعني بكسر ثم سكون ، ومن حمل السكر على السكر قال : إنها منسوخة بآية المائدة ، والتعبير عنه بما يفهم سد المجاري ، يفهم كراهته عندما كان حلالاً ؛ والآية من الاحتباك : ذكر السكر أولاً دال على الفتح ثانياً ، وذكر الحسن دال على القبيح أولاً ، فالآية أدل ما في القرآن على المعتزلة في أن الرزق يطلق على الحرام ، ولتقارب آيتي الأنعام والأشجار ، جمعهما سبحانه فقال تعالى : { إن في ذلك } ، أي : الأمر العظيم من هذه المنافع ، { لآية } ، ولوضوح أمرهما في كمال قدرة الخالق ووحدانيته ، قال تعالى : { لقوم يعقلون * } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.