تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمِن ثَمَرَٰتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلۡأَعۡنَٰبِ تَتَّخِذُونَ مِنۡهُ سَكَرٗا وَرِزۡقًا حَسَنًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (67)

الآية : 67 ، وكذلك : { ومن ثمرات النخل والأعناب } ، أنه بلطفه ، أخرج اللبن الصافي أصفى الأشياء وألطفها {[10260]} ، من خبث الأشياء وأكدرها {[10261]} في رأي العين .

فمن قدر على حفظ هذه الأشياء مما ذكر بلا حجاب ، يدرك ، أو حاجز ، يعرف ، ( فهو قادر ){[10262]} على إنشاء الأشياء من لا شيء ؛ لأن الخلائق ، لو اجتمعوا على أن يدركوا {[10263]} السبب الذي به كان حفظ هذا من هذا ، أو امتناعه عن الخلق بالخبث ، ما أدركوا ذلك .

وكذلك ما يخرج من النخيل والكروم والثمرات الطيبة والأعناب الحلوة ، من غير أن يرى أثر ذلك فيها ، ومن غير أن يدركوا السبب الذي كان به الأعناب والثمرات . دل أنه قادر على إنشاء الأشياء من لا شيء ، إذ هي خشبة يابسة ، والله أ علم .

وقوله تعالى : { تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا } ، قال بعضهم : السَّكْرُ ما يحرم منه ، والرزق ما يؤكل ثمرا وزبيبا ، ونحوه . وقال بعضهم : السكر : خمر الأعاجم ، والرزق الحسن : ما يُنَبّذُون ، ويُخَلّلُون ، ويَأكلون .

وروي في بعض الأخبار : أنه حرم السََّكر ، ولم يفسر الآية . وفي الأخبار : أنه بعث معاذا على اليمن ، وأمره أن ينهاهم عن نبيذ السكر .

وعن عبد الله ( أنه ) {[10264]} قال : ( إن أولادكم على الفطرة ، فلا تسقوهم السكر ، فإن الله تعالى لم يجعل في حرام شفاء ) ( بنحوه البيهقي في الكبرى 10/5 ) ، وليس بين فقهاء الأمصار في تحريم السكر ، وفصيح البسر ، ونقيع الزبيب ، إذا أسكر كثيرها ، ولم يطبخ ، اختلاف أنها حرام . وقد ذكرنا هذا في سورة البقرة {[10265]} .

( وقوله تعالى ) {[10266]} : { إن في ذلك } ، ( في ما ){[10267]} ذكر ، { لآية لقوم يعقلون } . وقال القتبي : الفَرْث ما في الكُرش ؛ لأن اللبن كان طعاما ، فخلص من ذلك الطعام دم ، وبقي منه فرث في الكرش ، وخلص من الدم لبنا سائغا ، أي : سهلا في الشرب ، لا يشجى به شاربه ، ولا يغص ، وكذلك قال أبو عوسجة : أسغته ، أي : أدخلته في حلقي حملا .

وقوله تعالى : { تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا } ، أي : تتخذون منه ما يحرم أكله ، { ورزقا حسنا } ، ما يحل {[10268]} منه ، كقوله : { قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق } الآية ( يونس : 59 ) ، أو يخرج على تذكير النعم ، في الوقت الذي كان السكر حلالا ، أي : { تتخذون منه سكرا } ، ما تشربون . { ورزقا حسنا } ، سوى الشراب .


[10260]:في الأصل وم: وألطفه.
[10261]:في الأصل وم: وأكدره.
[10262]:في الأصل وم: لقادر:
[10263]:من م، في الأصل: يدرك.
[10264]:ساقطة من الأصل وم.
[10265]:وذلك في تفسير الآية: 219.
[10266]:ساقطوة من الأصل وم.
[10267]:في الأصل وم: لما.
[10268]:من م، في الأصل: يحمل.