نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ} (92)

ولما كان آخر هذه القصص في الحقيقة إبطال كل ما خالف{[18277]} الإسلام الذي هو معنى { إن الدين عند الله الإسلام{[18278]} }

[ آل عمران : 19 ] - وما بعد ذلك إنما جرّه{[18279]} - ختم الآية بدعوى أن المخالفين من الخاسرين ، وختم ذلك{[18280]} بأن من مات على الكفر لا يقبل إنفاقه للإنقاذ{[18281]} مما يلحقه من الشدائد ، لا بدفع{[18282]} لقاهر ولا بتقوية{[18283]} لناصر ، فتشوفت النفس إلى الوقت الذي يفيد فيه الإنفاق وأي وجوهه أنفع ، فأرشد إلى{[18284]} ذلك وإلى أن الأحب منه أجدر{[18285]} بالقبول ، رجوعاً إلى ما قرره سبحانه وتعالى قبل آية{[18286]} الشهادة بالوحدانية من صفة عباده المنفقين والمستغفرين بالأسحار على وجه أبلغ بقوله : { لن تنالوا البر } وهو كمال الخير { حتى تنفقوا } أي في وجوه الخير { مما تحبون } أي من كل ما تقتضون{[18287]} ، كما ترك إسرائيل عليه الصلاة والسلام أحب الطعام إليه لله سبحانه وتعالى .

ولما كان التقدير : فإن أنفقتم منه علمه{[18288]} الله سبحانه وتعالى فأنالكم{[18289]} به البر ، وإن تيممتم الخبيث الذي تكرهونه فأنفقتموه لم تبروا ، وكان كل من المحبة والكراهة أمراً خفياً ، قال سبحانه وتعالى مرغباً مرهباً : { وما تنفقوا من شيء } أي من المحبوب{[18290]} وغيره { فإن الله } أي الذي له الإحاطة الكاملة . وقدم{[18291]} الجار اهتماماً به إظهاراً لأنه يعلمه من جميع وجوهه كما تقول{[18292]} لمن سألك{[18293]} - هل{[18294]} تعلم كذا : لا أعلم إلا هو ، فقال : { به عليم * } فهذا كما ترى احتباك .


[18277]:في ظ: يحالف.
[18278]:سورة 3 آية 19.
[18279]:في مد: جزه كذا.
[18280]:من ظ ومد، وفي الأصل: بذلك.
[18281]:في ظ: للانقاذ.
[18282]:من ظ ومد، وفي الأصل: يدفع.
[18283]:من مد، وفي الأصل وظ: يتقويه.
[18284]:زيد في ظ: سياق.
[18285]:في ظ: احذر.
[18286]:من ظ ومد، وفي الأصل: أبدا.
[18287]:في ظ: تعتنون، وفي مد: تفتنون.
[18288]:في ظ: علم.
[18289]:في ظ: فاتالكم.
[18290]:في ظ: الحبوب.
[18291]:في ظ: قدتم.
[18292]:في ظ: يقول.
[18293]:زيد من ظ، وزيد في مد موضعه: قال.
[18294]:من ظ ومد، وفي الأصل: هو.