ولما كان معنى التحذير من طاعة المشركين أنكم إن فعلتم كنتم قد رددتم أنفسكم إلى ظلام الضلال بعد أن منحتم نور الهداية ، فكان التقدير : أ{[31026]} فمن كان هكذا{[31027]} كان{[31028]} كمن نصح لنفسه باتباع الأدلة وتوقي الشبه ، عطف عليه قوله : { أو من كان ميتاً } أي بالغرق في أمواج ظلام الكفر ، ليس لهم من ذواتهم إلا الجمادية بل العدمية { فأحييناه } أي بما لنا من العظمة بإشراق أنوار الإيمان على قبله الذي إن صلح صلح الجسد كله ، وإن فسد فسد الجسد كله { وجعلنا } أي بعظمتنا على وجه الخصوص { له نوراً } أي بالهداية إلى كل خير { يمشي } مستضيئاً { به في الناس } فيعرفون أفعاله وأخلاقه وأقواله { كمن مثله } أي الذي يمثل به ، وهو ما ينكشف{[31029]} بوجه الشبه روح لبه و{[31030]} خلاصة حال قلبه ، حال قلبه ، أو يكون المعنى : صفته أنه { في الظلمات } أي ما له من نفسه من ظلمة الجهل وظلمة ما ينشأ عنه من الهوى وظلمة ما نشأ عن الهوى من الكفر ، وإذا كان المثل الذي هو الأعلى من الممثول في شيء كان الممثول عريقاً فيه بطريق الأولى ، فلذلك قال : { ليس بخارج } أي ذلك المثل { منها } أي الظلمات بما زين له من سوء أعماله حتى صارت{[31031]} أحب إليه من نفسه وماله ، وإذا لم يخرج المثل من شيء لم يخرج الممثول منه وإلا لم تكن بينهما مماثلة ، و{[31032]} ذلك لأنه{[31033]} زين له عمله ، وهي ناظرة إلى قوله أول السورة { إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله }[ الأنعام : 36 ] وقوله : { والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات }[ الأنعام : 39 ] .
ولما كان إيحاء الشياطين إلى أوليائهم مما يوجب لزوم العمى ليس إلاّ تزييناً للقبائح{[31034]} ، فكان حالهم مما يشتد العجب منه ، كان كأنه قيل : لولا رؤيتنا لحالهم ما صدقنا{[31035]} أن عاقلاً يرضى ما فعلوه{[31036]} بأنفسهم ، فهل وقع{[31037]} لأحد قط{[31038]} مثل حالهم ؟ فقيل : نعم { كذلك } أي مثل{[31039]} ما زين لهم سوء أعمالهم { زين للكافرين } أي كلهم { ما كانوا } بما جبلناهم{[31040]} عليه { يعملون * } فهم أبداً في الظلمات ، فالآية من الاحتباك : أثبت{[31041]} أولاً كونه في الظلمات دليلاً على تقديره ثانياً ، وثانياً التزيين دليلاً على تقديره أولاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.