الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَوَمَن كَانَ مَيۡتٗا فَأَحۡيَيۡنَٰهُ وَجَعَلۡنَا لَهُۥ نُورٗا يَمۡشِي بِهِۦ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيۡسَ بِخَارِجٖ مِّنۡهَاۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلۡكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (122)

{ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ } هو ألف الإستفهام والتقدير دخلت على واو النسق فبقيت على فتحها يعني أومن كان كافراً ميتاً بالضلالة فهديناه واجتبيناه بالإيمان { وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً } يستضيء به و { يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } على قصد السبيل ومنهج الطريق .

قال ابن زيد : يعني بهذا النور الإسلام نيابة قوله

{ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } [ البقرة : 257 ] .

وقال قتادة : هذا المؤمن معه من الله نوراً وبينة يعمل بها ويأخذ وإليها ينتهي كتاب الله { كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ } .

قال بعضهم : المثل زائد تقديره كمن في الظلمات .

وقال بعضهم : معناه كن أو شبه بشيء كان يشبهه من في الظلمات من ظلمة الكفر والجهل والضلالة والمسير .

{ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا } لا يبصر شيئاً ولا يعرف طريقاً كالذي ضل طريقه في ظلمة الليل فهو لا يجد مخرجاً ولا يهتدي طريقاً .

وقيل : إن هذه الآية نزلت في رجلين بأعيانهما ، ثم اختلفوا فيهما .

فقال ابن عباس : أومن كان [ ميتاً ] فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس . يريد حمزة بن عبد المطلب كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها . أبو جهل ، وذلك إن أبا جهل رمى النبي صلى الله عليه وسلم بالحجارة وحمزة لم يؤمن بعد فأخبر حمزة بما فعل أبو جهل وهو راجع من قنصه وبيده قوس ، فأقبل غضبان حتى علا أبا جهل بالقوس وهو يتضرع كعبد مسكين يقول : يا أبا يعلى أما ترى ما جاء به سفّه عقولنا وسبّ آلهتنا وخالف أبانا .

فقال حمزة : ومن أسفه منكم تعبدون الحجارة من دون اللّه ، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله فأنزل اللّه تعالى هذه الآية .

وقال الضحاك [ ويمان ] : نزلت في عمر بن الخطاب وأبي جهل .

قال عكرمة والكلبي : نزلت في عمار بن ياسر وأبي جهل .

{ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } من الكفر والمعصية