جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } من وقر أو من قر ، والأمر منه اقرُرن أو اقرَرن حذفت الأولى من الرائين بعد نقل حركتها إلى ما قبلها كظلن وظللن ، { وَلَا تَبَرَّجْنَ } التبرج : إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال ، { تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } : جاهلية الكفر ، والجاهلية الأخرى : جاهلية الفسوق في الإسلام ، أو الأولى لا أخرى لها كما قيل في أهلك عادا الأولى ، أو الأولى : زمن داود وسليمان أو زمن نمروذ ، فإن المرأة تلبس درعا من لؤلؤ وتخرج عارضة نفسها على الرجال ، { وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } في جميع ما أمركن ونهاكن ، { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ } : خبائث القلب ، أو ما ليس لله فيه رضا ، { أَهْلَ الْبَيْتِ } نصب على النداء أو على المدح ، { وَيُطَهِّرَكُمْ } عن الذنوب ، { تَطْهِيرًا } في مسلم ( إن عليا وفاطمة وحسنا وحسينا جاءوا فأدخلهم النبي عليه السلام في كساء من شعر أسود كان عليه ، ثم قال : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم ) الآية ، وفي مسند الإمام أحمد وغيره{[4081]} بروايات عن أم سلمة : ( أنه عليه السلام كان في بيتها ، فجاء علي وفاطمة وابناهما وجلس عنده على كساء خيبري فأنزل الله هذه الآية ، فأخذ فضل الكساء وغطاهم به ثم أخرج يده وألوى إلى السماء ، وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب الرجس عنهم ، وطهرهم تطهيرا ، قالت : فأدخلت رأسي البيت فقلت : وأنا معكم يا رسول الله ، فقال : ( إنك إلى خير ، إنك إلى خير ) ، والأحاديث التي هي أصح في هذا المعنى كثيرة ، والأصوب أن أزواجه المطهرات من أهل بيته ، وإذا كان أزواجه من أهل بيته فهؤلاء أحق وأولى بهذه التسمية ، وهذا مثل ما نقلنا في آية { لمسجد أسس{[4082]} على التقوى } [ التوبة : 108 ] ،


[4081]:كابن أبي حاتم وابن جرير، والحافظ البزار وغيرهم [وانظر صحيح سنن الترمذي (2562)] /12 منه.
[4082]:كما مر بيانها فإنها نزلت في مسجد قباء، وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: (هو مسجدي هذا) والتوفيق أنه إذا كان ذلك أسس على التقوى فمسجدي هذا أولى وأحرى بهذه التسمية، والله أعلم /12 منه.