جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمۡۗ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ إِلَّآ أَن تَفۡعَلُوٓاْ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِكُم مَّعۡرُوفٗاۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗا} (6)

{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ } : في أمور الدارين قال عمر : لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال عليه السلام : ( لا يا عمر{[4052]} حتى أكون أحب إليك من نفسك ) فقال : ( والله لأنت يا رسول الله أحب إلى من كل شيء حتى من نفسي ) ، فقال : ( الآن يا عمر ) ، وعن بعض المفسرين معناه : النبي أولى من بعضهم ببعضهم في وجوب طاعته عليهم ، { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } : في التوقير وتحريم نكاحهن على التأييد لا في النظر والخلوة والأصح{[4053]} أن لا يقال هن أمهات المؤمنات ، وفي الشواذ{[4054]} وهو أب لهم ، { وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ } : ذوو القرابات ،

{ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ } : في الميراث ، { فِي كِتَابِ اللَّهِ } : في حكمه ، أو في اللوح المحفوظ ، { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ } صلة الأولى أي : هم بحق القرابة أولى بالميراث منهم بحق الإيمان والهجرة قال الزبير : أنزل الله فينا معشر قريش والأنصار خاصة وذلك لما قدمنا المدينة قدمنا ولا مال لنا فوجدنا الأنصار نعم الإخوان فواخيناهم وأورثناهم حتى أنزل الله فينا هذه الآية فرجعنا إلى مواريثنا ، { إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا } الاستثناء منقطع أي : لكن فعلكم إلى أحبائكم معروفا جائز يعني : ذهب الميراث وبقي البر والإحسان والوصية ، { كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا } أي : هذا الحكم{[4055]} في الكتاب{[4056]} القديمة الذي لا يبدل مسطورا وإن كان تعالى شرع خلافه في وقت لما له من الحكمة البالغة ،


[4052]:في البخاري: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين) [وقد أخرجه مسلم أيضا] /12.
[4053]:وهو الأصح من مذهب الشافعي، وقد صح عن عائشة - رضي الله عنها- النهي عن ذلك /12 منه.
[4054]:وعن أبي بن كعب وابن عباس أنهما قرءا {وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم} /12 منه.
[4055]:وهو أن أولوا الأرحام بعضهم أولى بعض في كتاب الله /12 منه.
[4056]:فيه إشارة إلى دفع طعن الملحدين، بأنه ليس من باب البداء، فإنه غير جائز على من لا يخفى عليه شيء، ولما كان تغيير المألوف شديدا على النفوس، وقد ذكر أشياء من تغيير المألوف، بين أن إقامة الدين هو عهد وميثاق مع أول الرسل وآخرهم فقال: {وإذ أخذنا من النبيين} الآية /12 وجيز.