ثم قال تعالى ذكره : { النبيء أولى بالمومنين من أنفسهم } .
أي : أولى بهم من بعضهم لبعض ، مثل : { فاقتلوا أنفسكم } {[10]} { تقتلون أنفسكم } {[11]} وقيل : المعنى : أمر النبي أولى بالاتباع مما تأمر به النفس {[12]} .
وقال ابن زيد : المعنى : ما قضى فيهم النبي من أمر جاز ، كما كلما قضيت على عبدي جاز {[13]} .
وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة ، اقرؤوا إن شئتم : " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " ، فأيما مؤمن ترك مالا فلورثته ولعصبته من كانوا ، ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه " {[14]} .
وحكى قتادة والحسن : بأنه كان يقرأ في بعض القراءات : " من أنفسهم وهو أب لهم " {[15]} ولا ينبغي أن يقرأ بذلك الآن لمخالفته المصحف والإجماع {[16]} .
ثم قال تعالى : { وأزواجه أمهاتهم } أي : في الحرمة كالأم ، فلا يحل تزوجهن من بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كما لا يحل تزويج الابن الأم ، وهن في الحق والتعظيم والبر كالأم .
ويروى أنه إنما فعل ذلك بهم لأنهن أزواجه في الجنة .
ثم قال تعالى : { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } أي : وأولوا الأرحام الذين ورثت يا محمد بعضهم من بعض أولى بالميراث من أن يرثهم المؤمنون والمهاجرون بالهجرة دون الرحم . هذا قول الطبري {[17]} .
قال قتادة : لم يزل المؤمنون زمانا يتوارثون بالهجرة ، والأعرابي المسلم لا يرث من المهاجر شيئا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فخلط المسلمون بعضهم ببعض فصارت المواريث بالملل {[18]} .
وقيل : التقدير : وأولوا الأرحام من المؤمنين والمهاجرين أولى بالميراث من غيرهم ممن لا رحم بينهم من المؤمنين المهاجرين {[19]} .
وقال ابن زيد : كان النبي صلى الله عليه وسلم قد آخى بين المهاجرين والأنصار أول ما كانت الهجرة ، فكانوا يتوارثون على ذلك . قال فلما ظهر الفتح انقطعت الهجرة وكثرة الإسلام وتوارث الناس على الأرحام ، فنسخ التوارث بالهجرة {[20]} ، قال ذلك في كلام طويل تركته إذ الفائدة فيما ذكرت منه .
فمعنى الآية على هذا التأويل : وأولوا الأرحام من المهاجرين والأنصار بعضهم أولى ببعض بالميراث من أن يتوارثوا بالهجرة .
ثم قال تعالى : { إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا } .
أي : إلا أن تواصوا لقرابتكم من غير أهل الإيمان والهجرة ، قال قتادة والحسن وعطاء وابن الحنفية {[21]} {[22]} .
وقال مجاهد : معناه إلا أن تمسكوا بالمعروف والإحسان بينكم وبين حلفائكم من المهاجرين والأنصار {[23]} .
وقيل : المعنى : إلا أن توصوا لمن حالفتموه وواخيتموه من المهاجرين والأنصار ، قاله ابن زيد {[24]} .
وقوله تعالى : { كان ذلك في الكتاب مسطورا } .
أي : كان أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في اللوح المحفوظ مكتوبا ، قاله ابن زيد {[25]} وغيره .
وقيل : المعنى : كان منع أن يرث المشرك المسلم مكتوبا في الكتاب ، قاله قتادة {[26]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.