المحال : القوة والإهلاك قال الأعشى :
فرع نبع يهش في غصن المج - ***د غزير الندى شديد المحال
لا يغلبن صليبهم ***ومحالهم أبداً محالك
ويقال : محل الرجل بالرجل مكر به وأخذه بسعاية شديدة ، والمماحلة المكايدة والمماكرة ومنه : تمحل لكذا أي : تكلف استعمال الحيلة واجتهد فيه . وقال أبو زيد : المحال النقمة ، وقال ابن عرفة : المحال الجادل ما حل عن أمره أي جادل . وقال القتبي : أي شديد الكيد ، وأصله من الحيلة ، جعل ميمه كميم مكان وأصله من الكون ، ثم يقال : تمكنت . وغلطه الأزهري في زيادة الميم قال : ولو كان مفعلاً لظهر من الواو مثل مرود ومحول ومحور ، وإنما هو مثال كمهاد ومراس .
والظاهر إسناد التسبيح إلى الرعد .
فإن كان مما يصح منه التسبيح فهو إسناد حقيقي ، وإن كان مما لا يصح منه فهو إسناد مجازي .
وتنكيره في قوله : { فيه ظلمات ورعد وبرق } ينفي أن يكون علماً لملك .
وقال ابن الأنباري : الإخبار بالصوت عن التسبيح مجاز كما يقول القائل : قد غمني كلامك .
وقال الزمخشري : ويسبح سامعو الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له ، أي : يضجون بسبحان الله والحمد لله .
وفي الحديث : " سبحان من يسبح الرعد بحمده " وعن علي : «سبحان من سبحت له إذا اشتد الرعد »قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا قبل ذلك " ومن بدع المتصوفة : الرعد صعقات الملائكة ، والبرق زفرات أفئدتهم ، والمطر بكاؤهم انتهى .
وقال ابن عطية : وقيل في الرعد أنه ريح يختنق بين السحاب ، روى ذلك عن ابن عباس .
وهذا عندي لا يصح لأنّ هذا نزغات الطبيعيين وغيرهم من الملاحدة .
وقال أبو عبد الله الرازي : إعلم أن المحققين من الحكماء يذكرون أن هذه الآثار العلوية إنما تتم بقوى روحانية فلكية ، وللسحاب روح معين من الأرواح الفلكية يدبره ، وكذا القول في الرياح ، وفي سائر الآثار العلوية .
وهذا عين ما قلناه أن الرعد اسم لملك من الملائكة يسبح الله تعالى ، فهذا الذي قاله المفسرون بهذه العبارة هو عين ما ذكره المحققون من الحكماء ، فكيف بالعاقل الإنكار ؟ انتهى .
وهذا الرجل غرضه جريان ما تنتحله الفلاسفة على مناهج الشريعة ، وذلك لا يكون أبداً ، وقد تقدمت أقوال المفسرين في الرعد في البقرة ، فلم يجمعوا على أنّ الرعد اسم لملك .
وعلى تقدير أن يكون اسماً لملك ، لا يلزم أن يكون ذلك الملك يدبر لا السحاب ولا غيره ، إذ لا يستفاد مثل هذا إلا من النبي صلى الله عليه وسلم المشهود له بالعصمة ، لا من الفلاسفة الضلال .
والظاهر عود الضمير في قوله : من خيفته ، على الله تعالى كما عاد عليه في قوله : بحمده .
ومعنى خيفته : من هيبته وإجلاله .
والملائكة أعوانه جعل الله له ذلك فهم خائفون خاضعون طائعون له .
والرعد وإن كان مندرجاً تحت لفظ الملائكة ، فهو تعميم بعد تخصيص انتهى .
ومن مفعول فيصيب ، وهو من باب الإعمال ، أعمل فيه الثاني إذ يرسل يطلب من وفيصيب يطلبه ، ولو أعمل الأول لكان التركيب : ويرسل الصواعق فيصيب بها على من يشاء ، لكن جاء على الكثير في لسان العرب المختار عند البصريين وهو إعمال الثاني .
ومفعول يشاء محذوف تقديره : من يشاء إصابته .
وفي الخبر أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم بعث إلى جبار من العرب ليسلم فقال : أخبرني عن إله محمد ؟ أمن لؤلؤ هو أم من ذهب ؟ فنزلت عليه صاعقة ونزلت الآية فيه .
وقال مجاهد : ناظر يهودي الرسول صلى الله عليه وسلم ، فبينا هو كذلك نزلت صاعقة فأخذت قحف رأسه ، فنزلت الآية فيه .
وقال ابن جريج : سبب نزولها لها قصة أربد بن ربيعة وعامر بن الطفيل ، وذكر قصتهما المشهورة مضمونها أن عامراً توعد الرسول صلى الله عليه وسلم إذا لم يجبه إلى ما طلب ، وأنه وأربد راما الفتك به ، فعصمه الله تعالى ، وأصاب عامراً بغدّة فمات غريباً ، وأربد بصاعقة فقتلته ، ولأخيه لبيد فيه عدة مراثٍ منها قوله :
أخشى على أربد الحتوف ولا *** أرهب نوء السماك والأسد
فجعني البرق والصواعق بالفا *** رس يوم الكريهة النجد
وهذه الصلات الأربع التي وصلت بها الذي تدل على القدرة الباهرة ، والتصرف التام في العالم العلوي والسفلي ، فالمتصف بها ينبغي أن لا يجادل فيه ، وأن يعتقد ما هو عليه من الصفات العلوية ، والضمير في وهم يجادلون ، عائد على الكفار المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم ، المنكرين الآيات ، يجادلون في قدرة الله على البعث وإعادة الخلق بقولهم : { من يحيي العظام وهي رميم } وفي وحدانيته باتخاذ الشركاء والانداد .
ونسبة التوالد إليه بقولهم : الملائكة بنات الله تعالى والمعنى : أنه عز وجل متصف بهذه الأوصاف ، ومع ذلك رتبوا عليها غير مقتضاها من المجادلة فيه وفي أوصافه تعالى ، وكان مقتضاها التسليم لما جاءت به الأنبياء .
وقيل : وهم يجادلون حال من مفعول يشاء أي : فيصيب بها من يشاء في حال جدالهم كما جرى لليهودي .
وهو شديد المحال ، جملة حالية من الجلالة .
وقرأ الجمهور : المحال بكسر الميم .
فعن ابن عباس : المحال العداوة ، وعنه الحقد .
وعن عليّ : الأخذ ، وعن مجاهد : القوة .
وعن الحسن : الهلاك بالمحل ، وهو القحط .
وقرأ الضحاك والأعرج : المحال بفتح الميم .
يقال : المحال والمحالة وهي الحيلة ، ومنه قول العرب في مثل : المرء يعجز لا المحالة .
قال الزمخشري : ويجوز أن يكون المعنى شديد العقاب ، ويكون مثلاً في القوة والقدرة ، كما جاء : فساعد الله أشد ، وموساه أحدّ ، لأنّ الحيوان إذا اشتد غاية كان منعوتاً بشدّة القوة والاضطلاع بما يعجز عنه غيره .
ألا ترى إلى قولهم : فقرته الفواقر ، وذلك أنّ الفقار عمود الظهر وقوامه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.