بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعۡدُ بِحَمۡدِهِۦ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ مِنۡ خِيفَتِهِۦ وَيُرۡسِلُ ٱلصَّوَٰعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمۡ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلۡمِحَالِ} (13)

قوله تعالى : { وَيُسَبّحُ الرعد بِحَمْدِهِ } يعني : بأمره . قال : عمر بن محمد . قال : حدثنا أبو بكر الواسطي . قال : حدثنا إبراهيم بن يوسف . قال : حدثنا وكيع عن عمرو بن أبي زائدة أنه قال : سمعت عكرمة يقول : الرعد ملك يزجر السحاب بصوته كالحادي بالإبل . وروى وكيع ، عن المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، أنه سئل عن الرعد فقال : هو ملك يزجر السحاب . وسئل عن البرق : فقال هو في مخاريق بأيدي الملائكة . وسئل وهب بن منبه عن الرعد فقال : ثلاث ما أظن أحداً يعلمهن إلا الله عز وجل : الرعد ، والبرق ، والغيث ، وما أدري من أين هن ، وما هن . فقيل له : { أَنزَلَ مِنَ السماء مَآء } قال : نعم . ولا ندري أنزل من السماء أو من السحاب ، ولقحت فيه أو يخلق في السحاب فيمطر . وسمى السحاب سماء . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرعد فقال : « هُوَ مَلِكٌ فِي السَّمَاءِ ، وَاسْمُهُ الرَّعْدُ ، وَالصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ هوُ زَجْرُ السَّحَابِ ، وَيُؤَلِّفُ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ فَيَسُوقُهُ » . ثم قال : { والملائكة مِنْ خِيفَتِهِ } يقول : يسبح الملائكة كلهم خائفين لله تعالى { وَيُرْسِلُ الصواعق } وهي نار من السماء لا دخان لها { فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء } من خلقه { وَهُمْ يجادلون فِى الله وَهُوَ شَدِيدُ المحال } قال ابن عباس هو الله تعالى ، { شَدِيدُ المحال } يعني : شديد العقاب . ويقال : أصله في اللغة الحيلة . وقال قتادة : يعني : الحيلة ، والقوة . ويقال : هو شديد القدرة ، والعذاب . ويقال : { المحال } في اللغة هو الشدة . ويقال بعضهم : هو كناية عن الذي يجادل ، ويكون معناه { فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء } { وَهُمْ يجادلون فِى الله } يعني : يصيبهم في حال جدالهم . وقال مجاهد : جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أخبرني من أي شيء ربك أمن لؤلؤ هو ؟ فأرسل الله عليه صاعقة فقتلته ، فنزل { وَهُمْ يجادلون فِى الله وَهُوَ شَدِيدُ المحال } يعني : شديد العداوة . وقال قتادة : دخل عامر بن الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أسلم على أن لك المدر ، ولي الوبر . يعني : لك ولاية القرى ، وليَ ولاية البوادي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أَنْتَ مِنْ المُسْلِمِينَ لَكَ مَا لِلْمُسْلِمينَ ، وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ » ؟ قال عامر : لك الوبر ، ولي المدر . فأجابه بمثل ذلك . قال عامر : ولي الأمر من بعدك . فأجابه بمثل ذلك . فغضب عامر وقال : لأملأنها عليك رجالاً ألفا رجل أشعر ، وألفا أمرد ، فخرج ولقي أربد بن قيس ، فقال له ادخل على محمد وآلهه ، وأنا أقتله فدخلا عليه ، فجعل عامر يسأله ويقول : أخبرنا يا محمد عن إلهك ، أمن ذهب هو أم من فضة ؟ فلما طال حديثه قاما وخرجا ، فقال مالك لم تقتله ؟ قال : كلما أردت أن أقتله وجدتك بيني وبينه .

فجاء جبريل ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فدعا عليه ، فأصابته صاعقة فقتلته . فنزل { وَيُرْسِلُ الصواعق فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يجادلون فِى الله وَهُوَ شَدِيدُ المحال } .