البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَرۡسَلۡنَا ٱلرِّيَٰحَ لَوَٰقِحَ فَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَسۡقَيۡنَٰكُمُوهُ وَمَآ أَنتُمۡ لَهُۥ بِخَٰزِنِينَ} (22)

اللواقح : الظاهر أنها جمع لاقح أي : ذوات لقاح كلابن وتامر ، وذلك أنّ الريح تمر على الماء ثم تمر على السحاب والشجر فيكون فيها لقاح قاله الفراء . وقال الأزهري : حوامل تحمل السحاب وتصرفه ، وناقة لاقح ، ونوق لواقح إذا حملت الأجنة في بطونها . وقال زهير :

إذا لقحت حرب عوان مضرة - ***-ضروس تهر الناس أنيابها عصل

وقال أبو عبيدة : أي ملاقح جمع ملقحة ، لأنها تلقح السحاب بإلقاء الماء . وقال :

ومختبط مما تطيح الطوائح-   -

أي : المطاوح جمع مطيحة .

ولواقح جمع لاقح ، يقال : ريح لاقح جائيات بخير من إنشاء سحاب ماطر ، كما قيل للتي لا تأتي بخير بل بشر ريح عقيم ، أو ملاقح أي : حاملات للمطر .

وفي صحيح البخاري : لواقح ملاقح ملقحة .

وقال عبيد بن عمير : يرسل الله المبشرة تقم الأرض قمائم المثيرة ، فتثير السحاب .

ثم المؤلفة فتؤلفه ، ثم يبعث الله اللواقح فتلقح الشجر .

ومن قرأ بإفراد الريح فعلى تأويل الجنس كما قالوا : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض ، وسقى وأسقى قد يكونان بمعنى واحد .

وقال أبو عبيدة : من سقى الشفة سقى فقط ، أو الأرض والثمار أسقى ، وللداعي لأرض وغيرها بالسقيا أسقى فقط .

وقال الأزهري : العرب تقول لكل ما كان من بطون الأنعام ، ومن السماء ، أو نهر يجري : أسقيته ، أي جعلته شرباً له ، وجعلت له منه مسقى .

فإذا كان للشفة قالوا : سقى ، ولم يقولوا أسقى .

وقال أبو علي : سقيته حتى روي ، وأسقيته نهراً جعلته شرباً له .

وجاء الضمير هنا متصلاً بعد ضمير متصل كما تقدم في قوله : { أنلزمكموها } وتقدم أنّ مذهب سيبويه فيه وجوب الاتصال .

وما أنتم له بخازنين أي : بقادرين على إيجاده ، تنبيهاً على عظيم قدرته ، وإظهار العجز .

هم أي : لستم بقادرين عليه حين احتياجكم إليه .

وقال سفيان : بخازنين أي بمانعين المطر .