التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَأَرۡسَلۡنَا ٱلرِّيَٰحَ لَوَٰقِحَ فَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَسۡقَيۡنَٰكُمُوهُ وَمَآ أَنتُمۡ لَهُۥ بِخَٰزِنِينَ} (22)

قوله تعالى { وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين }

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله : { وأرسلنا الرياح لواقح } يقول : لواقح للسحاب ، وإن من الريح عذابا ، وإن منها رحمة .

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى { فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه }

بين تعالى في هذه الآية الكريمة عظيم منته بإنزال الماء من السماء وجعله إياه عذبا صالحا للسقيا وبين ذلك أيضا في مواضع أخر كقوله : { أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون } وقوله { هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات }

وقوله : { وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا } إلى غير ذلك من الآيات .

قال البخاري : حدثنا أحمد بن أبي بكر ، قال : حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن ، عن يزيد عن سلمة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح يقول " اللهم لاقحا لا عقيما " .

( الأدب المفرد ح718 ) . وأخرجه أيضا أبو يعلى ( كما في المطالب العالية المسندة ق122 أ ) ، وابن السني في عمل اليوم والليلة ( رقم300 ) ، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان3/288ح1008 ) والطبراني في الكبير ( 7/37 رقم6296 ) ، والحاكم في المستدرك ( 4/285-286 ) من طرق عن مغيرة ابن عبد الرحمن به ، وقال الحاكم : إسناد صحيح على شرط الشيخين ، وأقره الذهبي والمغيرة لم يروي له مسلم ، كما ذكر الألباني في صحيحه ( 5/91 ) وليس عند البخاري سوى حديث قد توبع فيه ( انظر هدى الساري ص445 ) وقال الهيثمي في المجمع ( 10/135 ) : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، ورجاله رجال الصحيح غير مغيرة بن عبد الرحمن وهو ثقة . قلت : تقدم أن البخاري روى له متابعة ، وقد اختلف فيه ، وقال الحافظ : صدوق فقيه كان يهم ( التقريب ص543 ) ، قال الألباني : فحسب حديث مثله يكون حسنا أما الصحة فلا ( الصحيحه5/91 ح2058 ) ومع ذلك فقد أورده في صحيح الأدب المفرد ( 553/718 ) وقال صحيح . وحكى محقق المطالب العالية ( 3/239 ) عن البوصيري أنه قال : رجاله ثقات ) .

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى { وما أنتم له بخازنين } فيه للعلماء وجهان من التفسير كلاهما يشهد له قرآن الأول : { وما أنتم له بخازنين } أي ليست خزانته عندكم بل نحن الخازنون له ننزله متى شئنا وهذا الوجه تدل عليه آيات كقوله : { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم } وقوله : { ولله خزائن السموات والأرض } الآية ، ونحو ذلك من الآيات .

الوجه الثاني : أن معنى { وما أنتم له بخازنين } بعد أن أنزلناه عليكم أي لا تقدرون على حفظه في الآبار والعيون والغدران بل نحن الحافظون له فيها ليكون ذخيرة لكم عند الحاجة ويدل لهذا الوجه قوله تعالى : { وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض } وقوله { قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين } وقوله { أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا } وقوله { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض } الآية ، إلى غير ذلك من الآيات .