{ ومن يعش عن ذكر الرحمان } : أي يعرض متعاميا متغافلاً عن ذكر الرحمان الذي هو القرآن متجاهلاً .
{ نقيض له شيطاناً } : أي نجعل له شيطاناً يلازمه لإِضلاله وإغوائه .
{ فهو له قرين } : أي فهو أي من عشا عن ذكر الرحمان قرين للشيطان .
ما زال السياق الكريم في عرض الهداية على الضالّين بالكشف عن أحوالهم وإضاءة الطريق لهم قال تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرحمان } أي يعرض متعاميا متغافلا عن ذكر الرحمان الذي هو القرآن وعبادة الرحمان متجاهلا ذلك نقيض له شيطاناً أي نسبب له نتيجة إعراضه شيطاناً ونجعله له قرينا لا يفارقه في الدنيا ولا في الآخرة . فهو له قرين دائما .
- بيان سنة الله تعالى فيمن يعرض عن ذكر الله فإنه يسبب له شيطانا يضله ويحرمه الهداية أبداً فيقيم على الذنوب والآثام ضالا الطريق المنجى المسعد وهو يحسب أنه مهتدٍ ، وهذا يتعرض له المعرضون عن الكتاب والسنة كالمبتدعة وأصحاب الأهواء والشهوات والعياذ بالله تعالى .
قوله تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرّحمان نقيّض له شيطانا فهو له قرين 36 وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون 37 حتّى إذا جآءنا قال ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين 38 ولن ينفعكم اليوم إذ ظّلمتم أنّكم في العذاب مشتركون 39 أفأنت تسمع الصّمّ أو تهدي العمى ومن كان في ضلال مبين 40 فإمّا نذهبنّ بك فإنّا منهم مّنتقمون 41 أو نرينّك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون 42 فاستمسك بالذي أوحى إليك إنك على صراط مستقيم 43 وإنّه لذكر لّك ولقومك وسوف تسئلون 44 وسأل من أرسلنا من قبلك من رّسلنا أجعلنا من دون الرّحمان آلهة يعبدون } .
{ يعش } بمعنى يعمى ، ومنه عشا عشا إذا عمي . والعشا مصدر الأعشى وهو الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار . والمرأة عشواء ، وعشا عنه أي أعرض{[4140]} ومعنى الآية : من يعرض عن القرآن وما فيه من جليل المعاني والأحكام والعبر فيعتاض عن ذلك بالأباطيل والضلالات يعاقبه الله بشيطان يقيضه له . وهو قوله : { نقيّض له شيطانا } { نقيّض له } ، أي نقدر له ونسبب . نقول : قيّض الله فلانا بفلان ، أي جاء به وأتاحه له . { وقيّضنا لهم قرنآء } أي سبّبنا لهم من حيث لا يحتسبون {[4141]} .
فالله جل وعلا يتوعد من أعرض عن دينه وقرآنه بعقابه بشيطان يقيضه له فيلازمه ويضله { فهو له قرين } أي ملازم له ومصاحب ، فهو يتبعه في الدنيا ولا يفارقه ليوحي إليه الكفر وفعل المعاصي والسيئات ، ويكرّه إليه الإيمان والطاعات . وهو كذلك قرينه في الآخرة . فإذا خرج من قبره فإنه يشفع بشيطان لا يزال معه حتى يدخلا النار معا بخلاف المؤمن ، فإنه يشفع بملك حتى يقضي الله بين العباد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.