أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعٗا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدۡرِي مَا يُفۡعَلُ بِي وَلَا بِكُمۡۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ وَمَآ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٞ} (9)

شرح الكلمات :

ما كنت بدعا من الرسل : أي لم أكن أول رسول فأكون بدعا من الرسل بل سبقني رسل كثيرون .

وما أدري ما يفعل بي ولا بكم : أي في هذه الحياة هل أخرج من بلدي أو أقتل وهل ترجمون بالحجارة أو يخسف بكم .

إن أتبع إلا ما يوحى إلي : أي ما أتبع إلا ما يوحيه إلي ربي فأقول وأفعل ما يأمرني به .

وما أنا إلا نذير مبين : أي وما أنا إلا نذير لكم بين الإنذار .

المعنى :

وقوله تعالى في الآية ( 9 ) { قل ما كنت بدعاً من الرسل } يأمر تعالى رسوله أن يقول لأولئك المشركين المفيضين في الطعن في القرآن والرسول في أغلب أوقاتهم وأكثر مجالسهم { ما كنت بدعاً من الرسل } أي ما أنا بأول عبد نُبىء وأُرسل فأكون بدعاً في هذا الشأن فينكر عليَّ أو يستغرب مني بل سبقتني رسل كثيرة . وقوله { وما أدري ما يُفعل بي ولا بكم } أي وقل لهم أيضا أني لا أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي مستقبلا فهل أخرج من هذه البلاد أو أُقتل أو تقبل دعوتي وأنصر ولا ما يفعل بي مستقبلا فهل أخرج من هذه البلاد أو أُقتل { إن أتبع إلا ما يوحي إليَّ وما أنا إلاّ نذير مبين } أي ما أنا بالذي يملك شيئا لنفسه أو لغيره من خير أو ضير وإنما أنا نذير من عواقب الكفر والتكذيب والشرك والمعاصي فمن قبل إنذاري فكف عما يسبب العذاب نجا ، ومن رفض إنذاري فأمره إلى ربيّ إن شاء عذبه وإن شاء تاب عليه وهداه ورحمه .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعٗا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدۡرِي مَا يُفۡعَلُ بِي وَلَا بِكُمۡۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ وَمَآ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٞ} (9)

{ قل ما كنت بدعا من الرسل } البدع والبديع من الأشياء : ما لم ير مثله أي : ما كنت أول رسول ولا جئت بأمر لم يجيء به أحد قبلي ، بل جئت بما جاء به ناس كثيرون قبلي ، فلأي شيء تنكرون ذلك .

{ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم } فيها أربعة أقوال :

الأول : أنها في أمر الآخرة وكان ذلك قبل أن يعلم أنه في الجنة ، وقبل أن يعلم أن المؤمنين في الجنة وأن الكفار في النار ، وهذا بعيد ، لأنه لم يزل يعلم ذلك من أول ما بعثه الله .

والثاني : أنها في أمر الدنيا أي : لا أدري بما يقضي الله علي وعليكم ، فإن مقادير الله مغيبة وهذا هو الأظهر .

الثالث : ما أدري ما يفعل بي ولا بكم من الأوامر والنواهي وما تلزمه الشريعة .

الرابع : أن هذا كان في الهجرة إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض بها نخل فقلق المسلمون لتأخير ذلك فنزلت هذه الآية .