{ قل ما كنت بدعاً من الرسل } : أي جاء قبلي غيري ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والبدع والبديع : من الأشياء ما لم ير مثله ، ومنه قول عدي بن زيد ، أنشده قطرب :
فما أنا بدع من حوادث تعتري *** رجالاً عرت من بعد بؤسي فأسعد
والبدع والبديع : كالخف والخفيف ، والبدعة : ما اخترع مما لم يكن موجوداً ، وأبدع الشاعر : جاء بالبديع ، وشيء بدع ، بالكسر : أي مبتدع ، وفلان بدع في هذا الأمر : أي بديع ، وقوم إبداع ، عن الأخفش .
وقرأ عكرمة ، وأبو حيوة ، وابن أبي عبلة : بفتح الدال ، جمع بدعة ، وهو على حذف مضاف ، أي ذا بدع .
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون صفة على فعل ، كقولهم : دين قيم ولحم زيم . انتهى .
وهذا الذي أجازه ، إن لم ينقل استعماله عن العرب ، لم نجزه ، لأن فعل في الصفات لم يحفظ منه سيبويه إلا عدى .
قال سيبويه : ولا نعلمه جاء صفة إلا في حرف معتل يوصف به الجمع ، وهو قوم عدي ، وقد استدرك ، واستدراكه صحيح .
وأما قيم ، فأصله قيام وقيم ، مقصور منه ، ولذلك اعتلت الواو فيه ، إذ لو لم يكن مقصوراً لصحت ، كما صحت في حول وعوض .
وأما قول العرب : مكان سوى ، وماء روى ، ورجل رضى ، وماء صرى ، وسبى طيبه ، فمتأولة عند البصريين لا يثبتون بها فعلاً في الصفات .
وعن مجاهد ، وأبي حيوة : بدعا ، بفتح الباء وكسر الدال ، كحذر .
{ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم } : أي فيما يستقبل من الزمان ، أي لا أعلم مالي بالغيب ، فأفعاله تعالى ، وما يقدره لي ولكم من قضاياه ، لا أعلمها .
وعن الحسن وجماعة : وما أدري ما يصير إليه أمري وأمركم في الدنيا ، ومن الغالب منا والمغلوب ؟ وعن الكلبي ، قال له أصحابه ، وقد ضجروا من أذى المشركين : حتى متى نكون على هذا ؟ فقال : ما أدري ما يفعل بي ولا بكم أأنزل بمكة ؟ أم أومر بالخروج إلى أرض قد رفعت ورأيتها ، يعني فى منامه ، ذات نخل وشجر ؟ وقال ابن عباس ، وأنس بن مالك ، وقتادة ، والحسن ، وعكرمة : معناه في الآخرة ، وكان هذا في صدر الإسلام ، ثم بعد ذلك عرفه الله تعالى أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأن المؤمنين لهم من الله فضل كبير وهو الجنة ، وبأن الكافرين في نار جهنم ؛ وهذا القول ليس بظاهر ، بل قد أعلم سبحانه من أول الرسالة حال الكافر وحال المؤمن .
وقيل : { ما يفعل بي ولا بكم } من الأوامر والنواهي ، وما يلزم الشريعة .
وقيل : نزلت في أمر كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتظره من الله في غير الثواب والعقاب .
{ إن أتبع إلا ما يوحى إليّ } : استسلام وتبرؤ من علم المغيبات ، ووقوف مع النذارة إلا من عذاب الله .
وقرأ الجمهور : ما يفعل بضم الياء مبنياً للمفعول ؛ وزيد بن عليّ ، وابن أبي عبلة : بفتحها .
والظاهر أن ما استفهامية ، وأدري معلقة ؛ فجملة الاستفهام موصولة منصوبة . انتهى .
والفصيح المشهور أن دَرَى يتعدى بالباء ، ولذلك حين عدي بهمزة النقل يتعدى بالباء ، نحو قوله : { ولا أدراكم به } فجعل ما استفهامية هو الأولى والأجود ، وكثيراً ما علقت في القرآن نحو : { وإن أدري أقريب } ، ويفعل مثبت غير منفي ، لكنه قد انسحب عليه النفي ، لاشتماله على ما ويفعل ؛ فلذلك قال : { ولا بكم } .
ولولا اعتبار النفي ، لكان التركيب { ما يفعل بي ولا بكم } .
ألا ترى زيادة من في قوله : { أن ينزل عليكم من خير } لانسحاب قوله : { ما يود الذين كفروا } على يود وعلى متعلق يود ، وهو أن ينزل ، فاذا انتفت ودادة التنزيل انتفى التنزيل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.