أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَـٰٓئِرَ ٱللَّهِ وَلَا ٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَلَا ٱلۡهَدۡيَ وَلَا ٱلۡقَلَـٰٓئِدَ وَلَآ ءَآمِّينَ ٱلۡبَيۡتَ ٱلۡحَرَامَ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّهِمۡ وَرِضۡوَٰنٗاۚ وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُواْۚ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُواْۘ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (2)

شرح الكلمات :

{ شعائر الله } : جمع شعيرة وهي هنا مناسك الحج والعمرة ، وسائر أعلام دين الله تعالى .

{ الشهر الحرام } : رجب وهو شهر مضر الذي كانت تعظمه .

{ الهدى } : ما يُهدى للبيت والحرم من بهيمة الأنعام .

{ القلائد } : جمع قلادة ما يقلد الهدى ، وما يتقلده الرجل من لحاء شجر الحرم ليأمن .

{ آمين البيت الحرام } : قاصدي يطلبون ربح تجارة أو رضوان الله تعالى .

{ وإذا حللتم } : أي من إحرامكم .

{ ولا يجرمنكم شنآن قوم } : أي لا يحملنكم بغض قوم أن تعتدوا عليهم .

{ أن صدوكم } : أي لأجل أن صدوكم .

{ البر والتقوى } : البر : كل طاعة لله ورسوله والتقوى : فعل ما أمر الله به ورسوله وترك ما نهى عنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

{ الإِثم والعدوان } : الإِثم : سائر الذنوب ، والعدوان : الظلم وتجاوز الحدود .

{ شديد العقاب } : أي عقابه شديد لا يطاق ولا يحتمل .

المعنى :

أما الآية الثانية فقد تضمنت أحكاما بعضها نُسخ العمل به وبعضها محكم يعمل به إلى يوم الدين المحكم والواجب العمل به تحريم شعائر الله وهي أعلام دينه من سائر ما فرض وأوجب ، ونهى وحرم . فلا تستحل بترك واجب ، ولا بفعل محرم ، ومن ذلك مناسك الحج والعمرة ومن المنسوخ الشهر الحرام فإن القتال كان محلاما في الأشهر الحرم ثم نسخ بقول الله فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم الآية ، ومن المنسوخ أيضاً هدي المشركين وقلائدهم والمشركون أنفسهم فلا يسمح لهم بدخول الحرم ولا يقبل منهم هدى ، ولا يجيرهم من القتل تقليد أنفسهم بلحاء شجر الحرم ولو تقلدوا شجر الحرم كله . هذا معنى قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ، ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين . البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا } والمراد بالفضل الرزق بالتجارة في الحج ، والمراد بالرضوان ما كان المشركون يطلبونه بحجهم من رضى الله ليبارك لهم في أرزاقهم ويحفظهم في حياتهم .

وقوله تعالى { وإذا حللتم فاصطادوا . . } خطاب للمؤمنين أذن لهم في الاصطياد الذي كان محرماً وهم محرمون إذن لهم فيه بعد تحللهم من إحرامهم . وقوله تعالى { . . ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا } ينهى عباده المؤمنين أن يحملهم بغض قوم صدوهم يوم الحديبية عن دخول المسجد الحرام أن يعتدوا عليهم بغير ما أذن الله تعالى لهم فيه وهو قتالهم إن قاتلوا وتركهم إن تركوا . ثم أمرهم تعالى بالتعاون على البر والتقوى ، أي على أداء الواجبات والفضائل ، وترك المحرمات والرذائل ، ونهاهم عن التعاون عن ضدها فقال عز وجل : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإِثم والعدوان } .

ولما كانت التقوى تعم الدين كله فعلاً وتركاً أمرهم بها ، فقال واتقوا الله بالإِيمان به ورسوله وبطاعتهما في الفعل والترك ، وحذرهم من إهمال أمره بقوله { إن الله شديد العقاب } باحذروه بلزوم التقوى .

الهداية

من الهداية :

- وجوب احترام شعائر الدين كلها أداء لما وجب أداؤه ، وتركا لما وجب تركه .

- حرمة الاعتداء مطلقا حتى على الكافر .

- وجوب التعاون بين المؤمنين على إقامة الدين ، وحرمة تعاونهم على المساس به .