التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَـٰٓئِرَ ٱللَّهِ وَلَا ٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَلَا ٱلۡهَدۡيَ وَلَا ٱلۡقَلَـٰٓئِدَ وَلَآ ءَآمِّينَ ٱلۡبَيۡتَ ٱلۡحَرَامَ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّهِمۡ وَرِضۡوَٰنٗاۚ وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُواْۚ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُواْۘ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (2)

( 4 ) شعائر الله : مناسك الله أو الأنعام التي تشعر أو تجرح نذرا لتقربها عند الكعبة لله ، وكانت تسمى شعيرة ، وجمعها : شعائر على ما شرحناه في سورة الحج .

( 5 ) الهدي : بهيمة الأنعام التي تنذر للقربان عند الكعبة على اعتبارها هدية لله تعالى .

( 6 ) القلائد : كناية عن بهيمة الأنعام التي يوضع في عنقها قلادة من جلد أو لحاء الشجر للإشارة إلى أنها منذورة للقربان لله . وقيل : إن الحجاج في الجاهلية كانوا يضعون في أعناقهم قلائد من جلد أو لحاء الشجر ، فيأمنون بذلك من تعرض أحد لهم بسوء . وإن الكلمة تعني ذلك أيضا .

( 7 ) آمّين البيت الحرام : الذين يقصدون البيت الحرام للحج .

( 8 ) لا يجرمنكم : لا يحملنكم أو لا يدفعنكم .

( 9 ) شنآن : عداء وبغضاء .

وفي الآية الثانية :

( 1 ) نهي للمسلمين عن خرق حرمة شعائر الله والشهر الحرام والهدي والقلائد التي تنذر قرابين لله .

( 2 ) ونهي كذلك عن العدوان على قاصدي زيارة البيت الحرام الذين يطلبون بذلك رحمة الله وفضله .

( 3 ) وتنبيه لهم بأنهم لا يجوز أن يحملهم بغضهم لقوم وحقدهم عليهم بسبب صدهم إياهم عن المسجد الحرام على البغي والعدوان .

( 4 ) وأمر لهم بالتعاون والتضامن فيما فيه بر وتقوى ونهي عن التعاون على الإثم والعدوان .

وانتهت الآية بأمرهم بتقوى الله وتنبيههم إلى أن الله شديد العقاب تنبيها ينطوي فيه إنذار لمن يخرق حرماته ، ويتجاوز أوامره ونواهيه وأحكامه .

ولقد تعددت الأقوال التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل في معنى { شعائر الله } ، وفي معنى { القلائد } فما رووه عن معنى الأولى أنها حدود الله ونواهيه ، أو أنها مناسك الحج وحرماته عامة . أو أنها الهدي المنذور للتضحية من الأنعام المشعر أي الذي يعلم بجرح لإسالة دمه حتى يحترمه الناس ولا يعتدوا عليه . ومما رووه عن معنى الثانية أنها الهدي المنذور للتضحية من الأنعام الذي يوضع في رقابه قلائد من الخيطان أو لحاء الشجر أو ورقه لمنع الاعتداء عليه ، أو أنه الحجاج الذين كانوا يضعون مثل هذه القلائد في رقابهم ليمنعوا عن أنفسهم العدوان أو أن التعبير قد شملهم . وكل هذه المعاني واردة بالنسبة للكلمتين وإن كنا نرجح أنهما عنتا في الدرجة الأولى الأنعام المقلدة بالقلائد المشعرة بالدم بالإضافة إلى ما في الآيات من استحلال الهدي بصورة عامة ؛ لأن في الآية نهيا عن العدوان على الحجاج والتعاون على الإثم والعدوان وعدم إحلال الشهر الحرم . وفي الآية الأولى أمر بالوفاء بالعهود ، وكل هذا يمكن أن يدخل في معنى حدود أوامر الله ونواهيه ومناسك الحج أيضا . والله تعالى أعلم .

/خ2