جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَـٰٓئِرَ ٱللَّهِ وَلَا ٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَلَا ٱلۡهَدۡيَ وَلَا ٱلۡقَلَـٰٓئِدَ وَلَآ ءَآمِّينَ ٱلۡبَيۡتَ ٱلۡحَرَامَ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّهِمۡ وَرِضۡوَٰنٗاۚ وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُواْۚ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُواْۘ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (2)

{ يا أيها الذين آمنوا لا تُحلوا شعائر الله } : مناسك{[1190]} الحج أو محارم الله أو الهدايا المعلمة للذبح بمكة { ولا الشهر الحرام } بعدم تعظيمه والقتال فيه والجمهور على أنه منسوخ يجوز ابتداء القتال مع أهل الشرك في أشهر الحرم { ولا الهدي } : ما أهدي إلى الكعبة بأن تتعرضوا له { ولا القلائد } : ذوات القلائد من الهدي ذكرها لأنها أشرف الهدي ، قال بعضهم : معناه لا تتركوا الإهداء إلى البيت ، ولا تتركوا تقليدها في أعناقها { ولا آمّين البيت الحرام } أي : لا تستحلوا قتال قوم قاصدين إلى بيت الله { يبتغون فضلا من ربهم } : رزقا بالتجارة حال من ضمير آمين { ورضوانا } بزعمهم ؛ لأن الكافرين ليس لهم نصيب من الرضوان ؛ نزلت فيمن أغار على سرح المدينة ، فلما كان من العام المقبل اعتمر من البيت فأراد بعض الصحابة أن يتعرضوا عليه في طريقه إلى البيت ، وهذا الحكم منسوخ الآن فيهم . قال بعضهم : أهل الجاهلية يقلدون أنفسهم بالشعر والوبر في سفر الحج في غير أشهره وإبلهم من لحا شجر الحرم فيأمنون به ، فنهى الله التعرض لهم بقوله : ( ولا القلائد ) وهو أيضا منسوخ وقيل : معناه يتقلدون من لحا شجر الحرم فنهى الله عن قطع شجرة { وإذا حللتم } : من الإحرام { فاصطادوا } إذن في الاصطياد بعد الإحرام { ولا يجرمّنكم } : يحملنكم { شنآن قوم } : بعضهم { أن صدوكم } أي : لأن صدوكم { عن المسجد الحرام } وقرئ إن فحرف الشرط معترض بين العامل والمعمول { أن تعتدوا } بالانتقام وهو ثاني مفعولي يجرمنكم فإنه يعدى إلى واحد وإلى اثنين ككسب ، نزلت حين أراد الصحابة صد بعض المشركين عن العمرة انتقاما من أصحابهم لما صدوهم عن البيت بالحديبية { وتعاونوا على البر } المأمورات عطف على لا يجرمنكم { والتقوى } عن المنهيات { ولا تعاونوا على الإثم } : المعاصي { والعُدوان } : الظلم { واتقوا الله إن الله شديد العقاب } .


[1190]:قاله ابن عباس ومجاهد، والثاني لعطاء، والثالث لأبي عبيدة كذا قال البغوي/12.