تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٞ} (2)

يقول تعالى آمرا عباده بتقواه ، ومخبرا لهم بما يستقبلون من أهوال يوم القيامة وزلازلها وأحوالها . وقد اختلف المفسرون في زلزلة الساعة : هل هي بعد قيام الناس من قبورهم يوم نشورهم إلى عَرصَات القيامة ؟ أو ذلك عبارة عن زلزلة الأرض قبل قيام الناس من أجداثهم ؟ كما قال تعالى : { إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا . وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا } [ الزلزلة : 1 ، 2 ] ، وقال تعالى : { وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً * وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ } [ الحاقة : 14 ، 15 ] ، وقال تعالى : { إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا . وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا . فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا } [ الواقعة : 4 - 6 ] .

فقال قائلون : هذه الزلزلة كائنة في آخر عمر الدنيا ، وأول أحوال الساعة .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن بَشَّار ، حدثنا يحيى ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عَلْقَمَة في قوله : { إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } ، قال : قبل الساعة .

ورواه ابن أبي حاتم من حديث الثوري ، عن منصور والأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، فذكره . قال : وروي عن الشعبي ، وإبراهيم ، وعُبَيْد بن عُمَيْر ، نحو ذلك .

وقال أبو كُدَيْنَةَ ، عن عطاء ، عن عامر الشعبي : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ } الآية ، قال : هذا في الدنيا قبل يوم القيامة .

وقد أورد الإمام أبو جعفر بن جرير مُسْتَنَدَ مَنْ قال ذلك في حديث الصُّور ، من رواية إسماعيل ابن رافع قاضي أهل المدينة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن رجل من الأنصار ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن رجل ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصُّور ، فأعطاه إسرافيل ، فهو واضعه على فِيه ، شاخص ببصره إلى العَرش ، ينتظر متى يؤمر " . قال أبو هريرة : يا رسول الله ، وما الصور ؟

قال : " قرن " قال : فكيف هو ؟ قال : " قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات ، الأولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصَّعْق ، والثالثة نفخة{[19958]} القيام لرب العالمين ، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول : انفخ نفخة الفزع . فيفزعُ أهل السموات وأهل الأرض ، إلا من شاء الله ، ويأمره فيمدها ويطولها ولا يفتر ، وهي التي يقول الله تعالى : { وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ } [ ص : 15 ] فَيُسير الله الجبال ، فتكون سرابا وتُرج الأرض بأهلها رجا ، وهي التي يقول الله تعالى : { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ . تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ . قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } [ النازعات : 6 - 8 ] ، فتكون الأرض ، كالسفينة الموبقة{[19959]} في البحر ، تضربها الأمواج تكفؤها بأهلها ، وكالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الأرواح .

فيمتد الناس على ظهرها ، فتذهل المراضع ، وتضع الحوامل . ويشيب{[19960]} الولدان ، وتطير الشياطين هاربة ، حتى تأتي الأقطار ، فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها ، فترجع ، ويولي{[19961]} الناس مدبرين ، ينادي بعضهم بعضا ، وهو الذي يقول الله تعالى : { يَوْمَ التَّنَادِ{[19962]} يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [ غافر : 32 ، 33 ] فبينما هم على ذلك إذ انصدعت الأرض من قطر إلى قطر ، فَرَأوا أمرا عظيما ، فأخذهم لذلك من الكرب ما الله أعلم به ، ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل ، ثم خسف شمسها وخُسفَ قمرها ، وانتثرت نجومها ، ثم كُشِطت عنهم " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والأموات لا يعلمون بشيء من ذلك " قال أبو هريرة : فمن استثنى الله حين يقول : { فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ{[19963]} شَاءَ اللَّهُ } [ النمل : 87 ] ؟ قال : أولئك الشهداء ، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء ، أولئك أحياء عند ربهم يرزقون ، وقاهم الله شر ذلك اليوم وآمنهم ، وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه ، وهو الذي يقول الله : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ }{[19964]} .

وهذا الحديث قد رواه الطبراني ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وغير واحد{[19965]} مطولا جدًا .

والغرض منه أنه دل على أن هذه الزلزلة{[19966]} كائنة قبل يوم الساعة ، وأضيفت إلى الساعة لقربها منها ، كما يقال : أشراط الساعة ، ونحو ذلك ، والله أعلم .

وقال آخرون : بل ذلك هول وفزع وزلزال وبلبال ، كائن يوم القيامة في العرصات ، بعد القيامة من القبور . واختار ذلك ابن جرير . واحتجوا بأحاديث :

الأول : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن هشام ، حدثنا{[19967]} قتادة ، عن الحسن ، عن عمران [ ابن ]{[19968]} حُصَين ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في بعض أسفاره ، وقد تفاوت بين أصحابه السير ، رفع بهاتين الآيتين صوته : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ }

فلما سمع أصحابه بذلك حَثوا المُطي ، وعرفوا أنه عند قول يقوله ، فلما تأشبوا حوله قال : " أتدرون أي يوم ذاك ؟ يوم ينادى آدم ، عليه السلام ، فيناديه ربه عز وجل ، فيقول : يا آدم ، ابعث بعثك إلى النار فيقول : يا رب ، وما بعث النار ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون في النار ، وواحد في الجنة " . قال فأبلس أصحابه حتى ما أوضحوا بضاحكة ، فلما رأى ذلك قال : " أبشروا واعملوا ، فوالذي نفس محمد بيده ، إنكم لمع{[19969]} خَليقتين ما كانتا مع شيء قط إلا كثرتاه : يأجوج ومأجوج ، ومن هلك من بني آدم وبني إبليس " قال : فسُرّي عنهم ، ثم قال : اعملوا وأبشروا ، فوالذي نفس محمد بيده ، ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير ، أو الرقمة في ذراع الدابة " .

وهكذا رواه الترمذي والنسائي في كتاب التفسير من سننيهما ، عن محمد بن بَشَّار ، عن يحيى - وهو القَطَّان - عن هشام - وهو الدستوائي - عن قتادة ، به{[19970]} بنحوه . وقال الترمذي : حسن صحيح .

طريق أخرى لهذا الحديث : قال{[19971]} الترمذي : حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثنا ابن جُدعان ، عن الحسن ، عن عمران بن حُصَيْن ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما نزلت : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ{[19972]} اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } إلى قوله : { وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } ، قال : أنزلت عليه هذه ، وهو في سفر ، فقال : " أتدرون أي يوم ذلك ؟ " فقالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " ذلك يوم يقول الله لآدم : ابعث بعث النار . قال : يا رب ، وما بعث النار ؟ قال : تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار ، وواحد إلى الجنة " فأنشأ المسلمون يبكون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قاربوا وسَدِّدوا ، فإنها لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية " قال : " فيؤخذ العدد من الجاهلية ، فإن تمت وإلا كُمّلت من المنافقين ، وما مثلكم والأمم إلا كمثل الرَّقمة في ذراع الدابة ، أو كالشامة{[19973]} في جنب البعير " ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " فكبروا ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة " فكبروا ، ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة " فكبروا ، قال : ولا أدري أقال الثلثين أم لا ؟

وكذا رواه الإمام أحمد عن سفيان بن عُيَيْنَةَ{[19974]} ، ثم قال الترمذي أيضا : هذا حديث حسن صحيح .

وقد روي عن سعيد بن أبي عَرُوبة عن الحسن ، عن عمران بن الحصين . وقد رواه ابن أبي حاتم من حديث سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن والعلاء بن زياد العدوي ، عن عمران بن الحصين{[19975]} ، فذكره .

وهكذا روى ابن جرير عن بُنْدَار ، عن غُنْدَر ، عن عوف ، عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قفل من غزوة العُسرة ومعه أصحابه بعد ما شارف المدينة قرأ : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } وذكر الحديث{[19976]} ، فذكر نحو سياق ابن جُدْعَان ، فالله أعلم .

الحديث الثاني : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن الطَبَّاع ، حدثنا أبو سفيان - [ يعني ]{[19977]} المعمري - عن مَعْمَر ، عن قتادة ، عن أنس قال : نزلت : { إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } وذكر - يعني : نحو سياق الحسن عن عمران - غير أنه قال : " ومن هلك من كفرة الجن والإنس " .

رواه ابن جرير بطوله ، من حديث معمر{[19978]} .

الحديث الثالث : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عباد - يعني : ابن العوام - حدثنا هلال بن خباب{[19979]} ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : تلا{[19980]} رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية فذكر نحوه ، وقال فيه : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " ، ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة " ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة " ففرحوا ، وزاد أيضًا : " وإنما أنتم جزء من ألف جزء " {[19981]} .

الحديث الرابع : قال البخاري عند هذه الآية : حدثنا عمر بن حفص ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثنا أبو صالح ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى يوم القيامة : يا آدم ، فيقول : لبيك ربنا وسعديك . فينادي بصوت : إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار . قال : يا رب ، وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف - أراه قال - تسعمائة وتسعة وتسعين{[19982]} . فحينئذ تضع الحامل حملها ، ويشيب الوليد ، { وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين{[19983]} ، ومنكم واحد ، ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض ، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود ، وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " . فكبرنا ، ثم قال : " ثلث أهل الجنة " . فكبرنا ، ثم قال : " شطر أهل الجنة " فكبرنا{[19984]} .

وقد رواه البخاري أيضا في غير هذا الموضع ، ومسلم ، والنسائي في تفسيره ، من طرق ، عن الأعمش ، به{[19985]} .

الحديث الخامس : قال الإمام أحمد : حدثنا عمار{[19986]} بن محمد - ابن أخت سفيان الثوري - وعبيدة المعنى ، كلاهما عن إبراهيم بن مسلم ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يبعث يوم القيامة مناديا [ ينادي ]{[19987]} : يا آدم ، إن الله يأمرك أن تبعث بعثًا من ذريتك إلى النار ، فيقول آدم : يا رب ، من هم ؟ فيقال له : من كل مائة تسعة وتسعين " . فقال رجل من القوم : من هذا الناجي منا بعد هذا يا رسول الله ؟ قال{[19988]} : " هل تدرون ما أنتم في الناس إلا كالشامة في صدر البعير " {[19989]} .

انفرد بهذا السند وهذا السياق الإمام أحمد .

الحديث السادس : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن حاتم بن أبي صغيرة ، حدثنا ابن أبي مُلَيْكَةَ ؛ أن القاسم بن محمد أخبره ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنكم تحشرون يوم القيامة حُفاة عراة غرلا " . قالت عائشة : يا رسول الله ، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال : " يا عائشة ، إن الأمر أشد من أن يهمهم ذاك " . أخرجاه في الصحيحين{[19990]} .

الحديث السابع : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لَهِيعة ، عن خالد بن أبي عِمْران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله ، هل يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة ؟ قال : " يا عائشة ، أما عند ثلاث فلا أما عند الميزان حتى يثقل أو يخف ، فلا . وأما عند تطاير الكتب فإما يعطى بيمينه أو يعطى بشماله ، فلا . وحين يخرج عُنُق من النار فينطوي عليهم ، ويتغيظ عليهم ، ويقول ذلك العنق : وكلت بثلاثة ، وكلت بثلاثة ، وكلت بثلاثة : وكلت بمن ادعى مع الله إلها آخر ، ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب ، ووكلت بكل جبار عنيد " قال : " فينطوي{[19991]} عليهم ، ويرميهم في غمرات ، ولجهنم جسر أدق من الشعر وأحد من السيف ، عليه كلاليب وحسك يأخُذْنَ من شاء الله ، والناس عليه كالطرف وكالبرق وكالريح ، وكأجاويد الخيل والركاب ، والملائكة يقولون : رب ، سَلِّم ، سَلِّم . فناج مسلم ، ومخدوش مسلم ، ومكَوّر{[19992]} في النار على وجهه{[19993]} " {[19994]} .

والأحاديث في أهوال يوم القيامة والآثار كثيرة جدا ، لها موضع آخر ، ولهذا قال تعالى : { إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } أي : أمر كبير ، وخطب جليل ، وطارق مفظع ، وحادث هائل ، وكائن عجيب .

والزلزال{[19995]} : هو ما يحصل للنفوس من الفزع ، والرعب كما قال تعالى : { هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا } [ الأحزاب : 11 ] .

ثم قال تعالى : { يَوْمَ تَرَوْنَهَا } : هذا من باب ضمير الشأن ؛ ولهذا قال مفسرًا له : { تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ } أي : تشتغل لهول ما ترى عن أحب الناس إليها ، والتي هي أشفق الناس عليه ، تدهش عنه في حال إرضاعها له ؛ ولهذا قال : { كُلُّ مُرْضِعَةٍ } ، ولم يقل : " مرضع " وقال : { عَمَّا أَرْضَعَتْ } أي : عن رضيعها قبل فطامه .

وقوله : { وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } أي : قبل تمامه لشدة الهول ، { وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى } وقرئ : " سَكْرَى " أي : من شدة الأمر الذي [ قد ]{[19996]} صاروا فيه قد دهشت عقولهم ، وغابت أذهانهم ، فمن رآهم حسب أنهم سُكارى ، { وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } .


[19958]:- في ت : "والنفخة الثالثة".
[19959]:- في ت : "المرسية".
[19960]:- في ت ، أ : "وتشيب".
[19961]:- في ت : "وتولي".
[19962]:في ت : "التنادي".-
[19963]:- في ت : "ما".
[19964]:- تفسير الطبري (17/85).
[19965]:حديث الصور سبق عند تفسير الآية 73 من سورة الأنعام.-
[19966]:- في ت : "الزلزلة له".
[19967]:- في ت : "عن".
[19968]:- زيادة من ت ، أ ، والمسند.
[19969]:- في ت : "مع".
[19970]:- المسند (4/435) وسنن الترمذي برقم (3169) وسنن النسائي الكبرى برقم (11340).
[19971]:- في ت : "وقال".
[19972]:في ت : "يا أيها الذين آمنوا" وهو خطأ.-
[19973]:- في ت : "وكالشامة".
[19974]:- سنن الترمذي برقم (3168) والمسند (4/432).
[19975]:- في ت : "ابن حصين".
[19976]:تفسير الطبري (17/86). -
[19977]:- زيادة من أ.
[19978]:- تفسير الطبري (17/87).
[19979]:- في ت : "ابن حبان".
[19980]:- في ت : "قال".
[19981]:- ورواه البزار في مسنده برقم (2235) "كشف الأستار" حدثنا أبو بكر بن إسحاق عن سعد بن سليمان به ، وقال : "لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد". وقال الهيثمي في المجمع (7/69) : "قلت في الصحيح بعضه ، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير هلال بن خباب وهو ثقة".
[19982]:- في ت : "وتسعون".
[19983]:- في ت : "وتسعون".
[19984]:- صحيح البخاري برقم (4741).
[19985]:- صحيح البخاري برقم (3348 ، 7483) وصحيح مسلم برقم (222) وسنن النسائي الكبرى برقم (11339).
[19986]:- في ت : "عمارة".
[19987]:زيادة من ف ، أ ، والمسند.-
[19988]:- في ت : "فقال".
[19989]:المسند (1/388).-
[19990]:- المسند (6/53) وصحيح البخاري برقم (6527) وصحيح مسلم برقم (2855).
[19991]:- في ت : "وينطوي".
[19992]:- في أ : "ومكبوب".
[19993]:في ت : "وجوههم".
[19994]:المسند (6/110).-
[19995]:- في ت : "والزلازل".
[19996]:- زيادة من ت.

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٞ} (2)

والضمير في { ترونها } عائد عندهم على الزلزلة وقوى قولهم إن الرضاع والحمل إنما هو في الدنيا ، وقالت فرقة «الزلزلة » في القيامة واحتجت بحديث أنس المذكور آنفاً إذ قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية ثم قال «إنه اليوم الذي يقول الله تعالى فيه لآدم أخرج بعث النار » ع وهذا الحديث لا حجة فيه لأنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ الآية المتضمنة ابتداء أمر الساعة ثم قصد في تذكيره وتخويفه إلى فصل من فصول يوم القيامة فنص ذكره وهذا من الفصاحة ، والضمير عند هذه الفرقة عائد على { الساعة } أي يوم يرون ابتداءها في الدنيا ، فيصح لهم بهذا التأويل أن لا يلزمهم وجود الرضاع والحمل في يوم القيامة ولو أعادوه على الزلزلة فسد قولهم بما يلزمهم ، على أن النقاش ذكر أن المراد ب { كل ذات حمل } من مات من الإناث وولدها في جوفها . ع وهذا ضعيف و «الذهول » الغفلة عن الشيء بطريان{[8296]} ما يشغل عنه من هم أو وجع أو غيره وقال ابن زيد المعنى تترك ولدها للكرب الذي نزل بها ، وقرأ ابن أبي عبلة «تُذهِل » بضم التاء وكسر الهاء ونصب «كلَّ »{[8297]} وألحق الهاء في «مرضع » لأنه أراد فاعلات ذلك في ذلك اليوم فأجراه على الفعل وأما إذا أخبرت عن المرأة بأن لها طفلاً ترضعه فإنما تقول مرضع مثل حامل{[8298]} قال علي بن سليمان هذه الهاء في { مرضعة } ترد على الكوفيين قولهم إن الهاء لا تكون فيما لا تلبس له بالرجال ، وحكى الطبري أن بعض نحويي الكوفة قال أم الصبي مرضعة ، { وترى الناس سكارى } تشبيه لهم ، أي من الهم ، ثم نفى عنهم السكر الحقيقي الذي هو من الخمر قال الحسن وغيره ، وقرأ جمهور القراء «سُكارى » بضم السين وثبوت الألف وكذلك في الثاني وهذا هو الباب فمرة جعله سيبويه جمعاً ومرة جعله اسم جمع ، وقرأ أبو هريرة بفتح السين فيهما وهذا أيضاً قد يجيء في هذه الجموع قال أبو الفتح هو تكسير ، وقال أبو حاتم هي لغة تميم ، وقرأ حمزة والكسائي «سكرى » في الموضعين ، ورواه عمران بن حصين وأبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي قراءة ابن مسعود وحذيفة وأصحاب عبد الله ، قال سيبويه وقوم يقولون «سكرى » جعلوه مثل مرضى لأنهما شيئان يدخلان على الإنسان ، ثم جعلوا روبى مثل سكرى وهو المستثقلون نوماً من شرب الرائب ، قال أبو علي ويصح أن يكون «سكرى » جمع سكر كزمن وزمنى وقد حكى سيبويه رجل سكر بمعنى سكران فتجيء «سكرى » حينئذ لتأنيث الجمع كعلامة في طائفة لتأنيث الجمع ، وقرأ سعيد بن جبير «وترى الناس سكرى وما هم بسُكارى » بالضم والألف ، وحكى المهدوي عن الحسن أنه قرأ الناس «سكارى وما هم بسكرى » ، وقرأ الحسن{[8299]} والأعرج وأبو زرعة بن عمرو بن جرير في الموضعين «سُكرى » بضم السين ، قال أبو الفتح هو اسم مفرد كالبشرى وبهذا أفتاني أبو علي وقد سألته عن هذا{[8300]} ، وقرأ أبو زرعة بن عمرو بن جرير وأبو هريرة وأبو نهيك «وتُرى » بضم التاء «الناسَ » بالنصب قال وإنما هي محسبة{[8301]} ، ورويت هذه القراءة «تُرى الناسُ » بضم التاء والسين أي ترى جماعة الناس{[8302]} .


[8296]:في الأصل: "بطريان ما يشغل عنه".
[8297]:قال الفراء في (معاني القرآن): "ولو قيل: تذهل كل مرضعة، وأنت يريد الساعة أنها تذهل أهلها كان وجها، ولم أسمع أحدا قرأ به". هذا وقد قرأ به اليماني أيضا مع ابن أبي عبلة كما قال صاحب البحر المحيط.
[8298]:قال الخليل ما خلاصته: إذا وصفت المرأة بفعل هي تفعله قلت مفعلة، كقوله تعالى: {يوم ترونها تذهل كل مرضعة}، أما إذا وصفتها بفعل واقع منها أو لازم لها قلت: مفعل، كقولك: امرأة مطفل، أي ذات طفل، بلا هاء، وعلى هذا نفهم الوجه في قول امرئ القيس: فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع فألهيتها عن ذي تمائم مغيل وقول الآخر: كمرضعة أولاد أخرى وضيعت بني بطنها، هذا الضلال عن القصد
[8299]:لم أجد في كتب التفسير من نسب قراءة [سكرى] بفتح السين إلى الحسن إلا ابن عطية هنا نقلا عن المهدوي، أما قراءته بالضم [سكرى] فقد نسبها له أبو الفتح في المحتسب. وصاحب البحر المحيط. وقد رواها عن الحسن ابن مجاهد.
[8300]:راجع المحتسب (2 ـ 74).
[8301]:أي بحسب ظنه وتخيله، كأنه قال: تظن ويخيل إليك. قال أبو حيان في البحر المحيط: "عدي (ترى) إلى مفاعيل ثلاثة، أحدهما الضمير المستكن في (ترى) وهو ضمير المخاطب مفعول لم يسم فاعله، والثاني والثالث {الناس سكارى}.
[8302]:أي أن التأنيث جاء لمعنى الجماعة من الناس.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٞ} (2)

جملة { يوم ترونها تذهل } الخ . . . بيان لجملة { إن زلزلة الساعة شيء عظيم } [ الحج : 1 ] لأن ما ذكر في هذه الجملة يبيّن معنى كونها شيئاً عظيماً وهو أنه عظيم في الشرّ والرعب .

ويتعلق { يوم ترونها } بفعل { تذهل . } وتقديمُه على عامله للاهتمام بالتوقيت بذلك اليوم وتوقع رؤيته لكل مخاطب من الناس . وأصل نظم الجملة : تذهل كل مرضعة عما أرضعت يوم تَرون زَلزلة الساعة . فالخطاب لكلّ من تتأتّى منه رُؤية تلك الزَلزلة بالإمكان .

وضمير النصب في { ترونها } يجوز أن يعود على { زلزلة } [ الحج : 1 ] وأطلقت الرؤية على إدراكها الواضح الذي هو كرؤية المرئيات لأنّ الزلزلة تُسمع ولا ترى . ويجوز أن يعود إلى الساعة .

ورؤيتُها : رؤيةُ ما يحدث فيها من المرئيات من حضور الناس للحشر وما يتبعه ومشاهدة أهوال العذاب . وقرينة ذلك قوله { تذهل كل مرضعة } الخ .

والذهول : نسيان ما من شأنه أن لا يُنسى لوجود مقتضى تذكره ؛ إما لأنه حاضر أو لأن علمه جديد وإنما ينسى لشاغل عظيم عنه ، فذكر لفظ الذهول هنا دون النسيان لأنه أدل على شدّة التشاغل . قاله شيخنا الجدّ الوزير قال : وشفقة الأم على الابن أشد من شفقة الأب ، فشفقتها على الرضيع أشد من شفقتها على غيره . وكلّ ذلك يدل بدلالة الأوْلى على ذهول غيرها من النساء والرجال . وقد حصل من هذه الكناية دلالة على جميع لوازم شدّة الهول وليس يلزم في الكناية أن يصرح بجميع اللوازم لأن دلالة الكناية عقليّة وليست لفظية .

والتحقت هاء التأنيث بوصف { مرضعة } للدلالة على تقريب الوصف من معنى الفعل ، فإن الفعل الذي لا يوصف بحدثه غير المرأة تَلحقه علامة التأنيث ليفاد بهذا التقريب أنها في حالة التلبّس بالإرضاع ، كما يقال : هي ترضع . . ولولا هذه النكتة لكان مقتضى الظاهر أن يقال : كلّ مرضع ، لأن هذا الوصف من خصائص الأنثى فلا يحتاج معه إلى الهاء التي أصل وضعها للفرق بين المؤنث والمذكر خيفة اللبس . وهذا من دقائق مسائل نحاة الكوفة وقد تلقاها الجميع بالقبول ونظمها ابن مالك في أرجوزته « الكافية » بقوله :

وما من الصفات بالأنثى يخص *** عن تاء استغنى لأنّ اللفظ نص

وحيث معنى الفعل تنوي التاء زد *** كذي غدت مُرضعة طِفلاً وُلِد

والمراد : أن ذلك يحصل لكلّ مرضعة موجودة في آخر أيام الدنيا . فالمعنى الحقيقي مراد ، فلم يقتض أن يكون الإرضاع واقعاً ، فأطلق ذهول المرضع وذات الحمل وأريد ذهول كل ذي علق نفيس عن عِلقه على طريقة الكناية .

وزيادة كلمة ( كلّ ) للدلالة على أن هذا الذهول يعتري كل مرضع وليس هو لبعض المراضع باحتمال ضعف في ذاكرتها . ثمّ تقتضي هذه الكناية كناية عن تعميم هذا الهول لكل الناس لأن خصوصية هذا المعنى بهذا المقام أنه أظهر في تصوير حالة الفزع والهلع بحيث يذهل فيه من هو في حال شدّة التيقظ لوفرة دواعي اليقظة .

وذلك أن المرأة لشدّة شفقتها كثيرة الاستحضار لما تشفق عليه ، وأن المرضع أشد النساء شفقة على رضيعها ، وأنها في حال ملابسة الإرضاع أبعد شيء عن الذهول فإذا ذهلت عن رضيعها في هذه الأحوال دلّ ذلك على أن الهول العارض لها هول خارق للعادة . وهذا من بديع الكناية عن شدة ذلك الهول لأن استلزام ذهول المرضع عن رضيعها لشدّة الهول يستلزم شدّة الهول لغيرها بطريق الأوْلى ، فهو لزوم بدرجة ثانية ، وهذا النوع من الكناية يسمى الإيماء .

و ( مَا ) في { عما أرضعت } موصولة ما صْدقُها الطفل الرضيع . والعائد محذوف لأنه ضمير متصل منصوب بفعل ، وحذفُ مثله كثير .

والإتيان بالموصول وصلته في تعريف المذهول عنه دون أن يقول عن ابنها للدلالة على أنها تذهل عن شيء هو نصب عينها وهي في عمل متعلّق به وهو الإرضاع زيادة في التكني عن شدة الهول .

وقوله { وتضع كل ذات حمل حملها } هو كناية أيضاً كقوله { تذهل كل مرضعة عما أرضعت } . ووضع الحمل لا يكون إلا لشدة اضطراب نفس الحامل من فرط الفزع والخوف لأنّ الحمل في قرار مكين .

والحمل : مصدر بمعنى المفعول ، بقرينة تعلقه بفعل { تضعُ } أي تضع جنينها .

والتعبير ب { ذات حمل } دون التعبير : بحامل ، لأنه الجاري في الاستعمال في الأكثر . فلا يقال : امرأة حامل ، بل يقال : ذات حمل قال تعالى : { وأُولاتُ الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } [ الطلاق : 4 ] ، مع ما في هذه الإضافة من التنبيه على شدة اتصال الحمل بالحامل فيدل على أن وضعها إياه لسبب مفظع .

والقول في حمله على الحقيقة أو على معنى الكناية كالقول في { تذهل كل مرضعة عما أرضعت } .

والخطاب في { ترى الناس } لغير معيّن ، وهو كل من تتأتى منه الرؤية من الناس ، فهو مساو في المعنى للخطاب الذي في قوله { يوم ترونها } ، وإنما أوثر الإفرادُ هنا للتفنن كراهية إعادة الجمع . وعدل عن فعل المضي إلى المضارع في قوله { وترى } لاستحضار الحالة والتعجيب منها كقوله { فتثير سحاباً } [ الروم : 48 ] وقوله { ويصنع الفلك } [ هود : 38 ] .

وقرأ الجمهور { سُكارى } بضم السين المهملة وبألف بعد الكاف . ووصف الناس بذلك على طريقة التشبيه البليغ . وقوله بعده { وما هم بسكارى } قرينة على قصد التشبيه وليبنى عليه قوله بعده { ولكن عذاب الله شديد } .

وقرأه حمزة والكسائي { سَكرى } بوزن عَطشى في الموضعين . وسُكارى وسَكرى جمع سكران . وهو الذي اختل شعور عقله من أثر شرب الخمر ، وقياس جمعه سكارى . وأما سَكرَى فهو محمول على نَوْكى لما في السكر من اضطراب العقل . وله نظير وهو جمع كسلان على كُسالى وكَسلى .

وجملة { وما هم بسكارى } في موضع الحال من الناس .

و { عذاب الله } صادق بعذابه في الدنيا وهو عذاب الفزع والوجَع ، وعذاب الرعب في الآخرة بالإحساس بلفح النار وزبْن ملائكة العذاب .

وجملة { وما هم بسكارى } في موضع الحال من النّاس .