{ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ } انتصاب الظرف بما بعده ، والضمير يرجع إلى الزلزلة ، أي وقت رؤيتكم لها ، تذهل : كل ذات رضاع عن رضيعها وتغفل عنه . قال قطرب : تذهل تشتغل ، وأنشد قول الشاعر :
ضرب يزيل الهام عن مقيله *** ويذهل الخليل عن خليله
وقيل : تنسى ، وقيل : تلهو . وقيل : تسلو ، وهذه معانيها متقاربة . قال المبرّد : إن «ما » فيما أرضعت بمعنى المصدر أي تذهل عن الإرضاع ، قال : وهذا يدل على أن هذه الزلزلة في الدنيا ، إذ ليس بعد القيامة حمل وإرضاع ، إلا أن يقال : من ماتت حاملاً فتضع حملها للهول ، ومن ماتت مرضعة بعثت كذلك ، ويقال : هذا مثل كما يقال : { يَوْماً يَجْعَلُ الولدان شِيباً } [ المزمل : 17 ] . وقيل : يكون مع النفخة الأولى ، قال : ويحتمل أن تكون الساعة عبارة عن أهوال يوم القيامة ، كما في قوله : { مَسَّتْهُمُ البأساء والضراء وَزُلْزِلُوا } [ البقرة : 214 ] . ومعنى { وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } : أنها تلقي جنينها لغير تمام من شدّة الهول ، كما أن المرضعة تترك ولدها بغير رضاع لذلك { وَتَرَى الناس سكارى } قرأ الجمهور بفتح التاء والراء خطاب لكل واحد ، أي يراهم الرائي كأنهم سكارى { وَمَا هُم بسكارى } حقيقة ، قرأ حمزة والكسائي : " سكرى " بغير ألف ، وقرأ الباقون بإثباتها وهما لغتان يجمع بهما سكران ، مثل كسلى وكسالى ، ولما نفى سبحانه عنهم السكر أوضح السبب الذي لأجله شابهوا السكارى فقال : { ولكن عَذَابَ الله شَدِيدٌ } فبسبب هذه الشدة والهول العظيم طاشت عقولهم ، واضطربت أفهامهم فصاروا كالسكارى ، بجامع سلب كمال التمييز وصحة الإدراك .
وقرئ : «وترى » بضم التاء وفتح الراء مسنداً إلى المخاطب من أرأيتك أي : تظنهم سكارى . قال الفراء : ولهذه القراءة وجه جيد في العربية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.