تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٞ} (2)

{ يوم ترونها تذهل } أي : تعرض { كل مرضعة عما أرضعت . . . } الآية .

يحيى : عن أبي الأشهب ، عن الحسن قال : " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له قد فرق بين أصحابه السير ، إذ رفع صوته فقال : { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم( 1 ) . . . } حتى انتهى إلى قوله : { ولكن عذاب الله شديد( 2 ) } فلما سمعوا صوت نبيهم اعصوصبوا{[805]} به . فقال : " هل تدرون أي يوم ذاكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ذاكم يوم يقول الله لآدم : يا آدم قم ابعث بعث النار . فيقول : يا رب وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إنسانا إلى النار وواحد إلى الجنة . فلما سمعوا ما قال نبيهم أبلسوا حتى ما يجلى رجل منهم عن واضحة ، فلما رأى ذلك في

وجوههم ، قال : اعملوا وأبشروا فوالذي نفسي بيده ما أنتم في الناس إلا كالرقمة{[806]} في ذراع الدابة ، أو كالشامة في جنب البعير ، وإنكم مع خليقتين ما كانتا مع شيء قط إلا كثرتاه : يأجوج ومأجوج ، ومن هلك- يعني : ومن كفر- من بني إبليس ، وتكمل العدة من المنافقين " {[807]} .

قال محمد : ومعنى قوله : { وترى الناس سكارى } أي : ترى أنت أيها

الإنسان الناس سكارى من العذاب والخوف { وما هم بسكارى } من الشراب .


[805]:يعني: اجتمعوا به.
[806]:هي تشبه الظفر في ذارع الدابة من الداخل (اللسان:رقم).
[807]:رواه أحمد في مسنده (4/432، 435) والترمذي في سننه (3168)، (3169)، والنسائي في الكبرى (11340)، والطبري في التفسير (17/111)، وفي التهذيب مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (707، 708، 710)والحاكم في المستدرك (1/28، 29)، (2/333، 334، 335)، (4/567)، وقال أبو عيسى: حسن صحيح، وقد روى من غير وجه عن عمران بن حصين مرفوعا. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه بطوله، والذي عندي أنهما قد تخرجا من ذلك خشية الإرسال، وقد سمع الحسن من عمران بن حصين، وهذه الزيادات التي ف هذا المتن أكثرها عند معمر عن قتادة عن أنس مرفوعا. وقال الطبري: وهذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين: إحداهما: أنه خبر لا يعرف له مخرج عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح إلا من هذا الوجه، والخبر إذ انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه. والثانية: انه نقل من عكرمة عن ابن عباس، وفي نقل عكرمة عندهم نظر يجب التثبت فيه من أجله. ا هـ. وقال الحاكم: صحيح بهذه الزيادة، ولم يخرجاه. قلت ورواه البخاري (3348) ومسلم (222) عن ابن مسعود بنحوه مختصرا. وكذلك البخاري أيضا (6529) عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه مختصرا. وانظر الدر المنثور للسيوطي (4/377)، ومجمع الزوائد للهيثمي (10/394)، وتفسير ابن كثير (3/210)، فالحديث رواه جماعة من الصحابة من غير وجه، وبألفاظ متقاربة مختصرا وتاما، والله أعم.