وقد أشير إلى شيء من بليغ هولها بقوله سبحانه :
{ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } .
{ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ } أي عن إرضاعها أو عن الذي أرضعته وهو الطفل { وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } أي ما في بطنها لغير تمام { وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى } أي كأنهم سكارى { وَمَا هُم بِسُكَارَى } أي على التحقيق { وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } أي ولكن ما رهقهم من خوف عذاب الله هو الذي أذهب عقولهم ، وطير تمييزهم ، وردهم في نحو حال من يذهب السكر بعقله وتمييزه . قاله الزمخشري .
قال الناصر في ( الانتصاف ) : العلماء يقولون : إن من أدلة المجاز صدق نقيضه ، كقولك ( زيد حمار ) إذ وصفته بالبلادة . ثم يصدق أن تقول ( وما هو بحمار ) فتنفي عنه الحقيقة . فكذلك الآية . بعد أن أثبت السكر المجازي نفى الحقيقي أبلغ نفي مؤكد بالباء . والسر في تأكيده التنبيه على أن هذا السكر هو بهم في تلك الحالة ، ليس من المعهود في شيء ، وإنما هو أمر لم يعهدوا قبله مثله . والاستدراك بقوله { وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } راجع إلى قوله : { وَمَا هُم بِسُكَارَى } وكأنه تعليل لإثبات السكر المجازي . كأنه قيل إذا لم يكونوا سكارى من الخمر ، وهو السكر المعهود ، فما هذا السكر الغريب ؟ وما سببه ؟ فقال : سببه شدة عذاب الله تعالى . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.