تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٞ} (2)

الآية 2 : فقال : { يوم ترونها تذهل } أي تشغل { تذهل كل مرضعة عما أرضعت } لشدة أهوالها وأفزاعها { وتضع كل ذات حمل حملها } .

هذا على قول من يقول : إن زلزلة الساعة قبل الساعة ؛ تكون على التحقيق ، أي تذهل عما أرضعت ، وتضع حملها لأنها تكون في ذلك الوقت مرضعا وحاملا [ فتذهلها أهوال ذلك اليوم ] {[12882]} وأفزاعها عن ولدها ، وتضع ما في بطنها كقوله : { يوم يفر المرء من أخيه } [ { وأمه وأبيه } { وصاحبته وبنيه } { لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } [ عبس : 34 إلى37 ] ] {[12883]} يذكر هؤلاء لأن من أصاب شيء{[12884]} من البلاء في هذه الدنيا يفزع إلى هؤلاء ، فيخبر [ أنه في ] {[12885]} ذلك اليوم يفر بعض من بعض لشدة ذلك اليوم وهوله لشغله بنفسه .

وعلى قول من يقول : إن زلزلة الساعة هي الساعة يخرج قوله : { تذهل كل مرضعة عما أرضعت } الآية على التمثيل ، أي تذهل عما أرضعت أن لو كانت مرضعة ، وتضع حملها أن لو كانت حاملا لشدته وهوله ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وترى الناس سكارى وما هم بسكارى } أي [ من ]{[12886]} مكن له ، وقوى ، يرى الناس كأنهم سكارى ، وما هم بسكارى ، وإلا لم يجز أن يريهم سكارى ، وليسوا هم بسكارى في الحقيقة ، وإنما قلنا : إنه يري من مكن له ، وقوى ، وإلا لو كانوا كلهم سكارى [ لكان لا يريهم سكارى ] {[12887]} لأن السكران لا يرى من كان في مثل حاله سكران . أو يكون خاطب به رسوله ، ولا يكون فيه ذلك الهول الذي يكون في غيره . أو يكون ذلك على التمثيل ، ليس على التحقيق .

وقول أهل التأويل : يقول لآدم في ذلك : قم فابعث بعث النار ، فيقول : يا رب كم ، فيقول : من كل ألف تسع مئة [ وتسعا ] {[12888]} وتسعين في النار ، وواحدا{[12889]} في الجنة .

ويروون الأخبار في ذلك عن رسول الله . فإن ثبت ما روي عنه في ذلك ، وإلا فالكف{[12890]} عن مثله أولى ، لأنه يحزن حين{[12891]} يؤمر أن يتولى بعث ولده إلى النار من غير أن يستوجب هذه العقوبة .

قال القتبي : تذهل أي تسلو عن ولدها ، وتتركه . وقال أبو عوسجة : تذهل أن تنسى ؛ يقال : ذهل يذهل ذهولا ، وأذهلته أي أنسبته . وقال غيره : أي تشغل . والحمل بالنصب ما في البطن ، والحمل بالخفض ما على الظهر ، والزلزلة الرجفة ؛ يقال : زلزلت أي حركت ، وتزلزلت أي تحركت .


[12882]:في الأصل و م: فتذهل الأهوال ذلك.
[12883]:ساقطة من الأصل و م.
[12884]:في الأصل و م: شيئا.
[12885]:في الأصل: أن، في م: أن في.
[12886]:من م، ساقطة من الأصل.
[12887]:من م، ساقطة من الأصل.
[12888]:من م، ساقطة من الأصل.
[12889]:في الأصل و م: وواحد.
[12890]:الفاء ساقطة من الأصل و م.
[12891]:في الأصل و م:حيث.