ثم وصف ذلك اليوم فقال : { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ } ، يعني : تشغل كل مرضعة { عَمَّا أَرْضَعَتْ } ، يعني : كل ذات ولد رضيع ؛ ويقال : تحَير كل والدة عن ولدها . { وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } ، أي تسقط ولدها من هول ذلك اليوم .
وروى منصور ، عن إبراهيم ، عن عَلْقَمَة { إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة شَىْء عَظِيمٌ } قال : هذا بين يدي الساعة ؛ وقال مقاتل : وذلك قبل النفخة الأولى ، ينادي ملك من السماء : يا أيها الناس أتى أمر الله . فيسمع الصوت أهل الأرض جميعاً ، فيفزعون فزعاً شديداً ، ويموج بعضهم في بعض ، فيشيب فيه الصغير ، ويسكر فيه الكبير ، وتضع الحوامل ما في بطونها ؛ وتزلزلت الأرض ، وطارت القلوب . وعن سعيد بن جبير أنه قال : إنما هو عند النفخة الأولى التي هي الفزع الأكبر ؛ ويقال : هو يوم القيامة . وقال : حدّثنا الخليل بن أحمد قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم قال : حدّثنا الدبيلي قال : حدّثنا أبو عبد الله قال : حدّثنا سفيان ، عن علي بن زيد بن جدعان قال : سمعت الحسن يقول : حدّثنا عمران بن الحسين قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ، فنزلت عليه هذه { تَصِفُونَ ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة شَىْء عَظِيمٌ } ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، » " أَتَدْرُونَ أيُّ يَوْمٍ ذلكَ ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ذلك يَوْمَ يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ لآدمَ . قُمْ فَابْعَثْ بَعْثَ أَهْلِ الجَنَّةِ . قالَ : فيقولُ آدَمْ : وَمَا بَعْثُ أَهْلُ الجَنَّةِ ؟ يقولُ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعٌ وَتِسْعُونَ فِي النَّارِ ، وَوَاحِدٌ فِي الجَنَّةِ . قال : فَأَنْشَأَ القَوْمُ يبكون« " . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : » " إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ قَطَّ ، إلاَّ كَانَتْ قَبْلَهُ جَاهِلِيَّةٌ ، فَيُؤْخَذُ العَدَدُ مِنَ الجَاهِلِيَّةِ . فإنْ لَمْ يَكُنْ كملَ العددُ مِنَ الجَاهِلِيَّةِ ، أخذَ من المنافقينَ . وَمَا مَثَلُكُمْ في الأمَمِ ، إلا كَمَثَلِ الرّقْمَةِ في ذِراعٍ ، وَكالشَّامَةِ في جَنْبِ البَعِيرِ« " . ثم قال عليه الصلاة والسلام : " »إنِّي لأَرْجُو أنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ« " فَكبروا ، ثم قال : " »إنَّ مَعَكُمْ لَخَلِيقَتَيْنِ ما كانتا في شَيْءٍ إلا كَثَّرَتَاهُ : يأجوجُ ومأجوجُ ومن مات من كفرةِ الجَنَّةِ وَالإنْسِ« " . وروى أبو سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يَقُولُ الله تَعَالَى لآدَمَ : قُمْ فَابْعَثْ أَهْلَ النَّارِ . فقالَ : يا رَبِّ وَمَا بَعْثُ أَهْلِ النَّارِ ؟ فيقولُ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وتسعةٌ وتسعون . فَعِنْدَ ذلكَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ، وَتَضَعُ الحَامِلُ ما فِي بَطْنِها« "
ويقال : هذا على وجه المثل ، لأن يوم القيامة لا يكون فيه حامل ولا صغير ، ولكنه بيَّن هول ذلك اليوم ، أنه لو كان فيه حاملاً ، لوضعت حملها من شدة ذلك اليوم .
ثم قال تعالى : { وَتَرَى الناس سكارى وَمَا هُم بسكارى } ، يعني : ترى الناس سكارى من الهول ، أي كالسكارى وما هم بسكارى من الشراب . { ولكن عَذَابَ الله شَدِيدٌ } ؛ قرأ حمزة والكسائي { وَتَرَى الناس سكارى وَمَا هُم بسكرى } بغير ألف ؛ وقرأ الباقون كلاهما بالألف . وروي عن ابن مسعود وحذيفة أنهما قرآ { سكرى } وهو اختيار أبي عبيدة ؛ وروي عن أبي زرعة أنه قرأ على الربيع بن خثيم { وَتَرَى } بضم التاء ؛ وقراءة العامة بالنصب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.