وانتصب { يوم ترونها } أي الزلزلة بقوله { تذهل } أي تغفل عن دهشة { كل مرضعة } وهي التي ترضع بالفعل مباشرة لإرضاع وإنما يقال لها المرضع من غيرها إذا أريد معنى أعم وهو أنه من شأنها الإرضاع بالقوة أو بالفعل كحائط وطالق . وفي هذا تصوير لهول الزلزلة كأنه بلغ مبلغاً لو ألقمت المرضعة الرضيع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الخوف . و " ما " في { عما أرضعت } مصدرية أو موصولة أي عن إرضاعها أو عن الذي أرضعته وهو الطفل . عن الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام . وإنما قال { كل ذات حمل } دون كل حامل ليكون نصاً في موضع الجنين فإن الحمل بالفتح هو ما كان في بطن أو على رأس شجرة ، والثاني خارج بدليل العقل فبقي الأول . قال القفال : ذهول المرضعة ووضع ذات الحمل حملها يحتمل أن يكون على جهة التمثيل كقوله { يوماً يجعل الولدان شيباً } [ المزمل : 17 ] { وترى الناس } أفرد بعد أن جمع لأن الزلزلة تراها الناس جميعاً ، وأما السكر الشامل للناس فإنه يراه من له أهلية الخطاب بالرؤية وقتئذ ولعله ليس إلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله { سكارى وما هم بسكارى } أثبت السكر أولاً على وجه التشبيه فإن الخوف مدهش كالمسكر ، ونفاه ثانياً على التحقيق إذ لم يشربوا خمراً وهذه أمارة كل مجاز . روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله عز وجل يوم القيامة : يا آدم فيقول : لبيك وسعديك . فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار . قال : يا رب وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ، فحينئذ تضع الحامل حملها ويشيب الوليد وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد . فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم فقالوا : يا رسول الله أينا ذلك الرجل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعون ومنكم واحد ، أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور البيض أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود " . واختلفوا في أن شدة ذلك اليوم تحصل لكل واحد أو لأهل النار خاصة فقيل : إن الفزع الأكبر يعم وغيره يختص بأهل النار وإن أهل الجنة يحشرون وهم آمنون . وقيل : تحصل للكل ولا اعتراض لأحد على الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.