تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعٗا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدۡرِي مَا يُفۡعَلُ بِي وَلَا بِكُمۡۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ وَمَآ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٞ} (9)

وقوله : { قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ } أي : لست بأول رسول طرق العالم ، بل قد جاءت الرسل من قبلي ، فما أنا بالأمر الذي لا نظير له حتى تستنكروني وتستبعدوا {[26382]} بعثتي إليكم ، فإنه قد أرسل الله قبلي جميع الأنبياء إلى الأمم .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : { قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ } ما أنا بأول رسول . ولم يحك ابن جرير ولا ابن أبي حاتم غير ذلك .

وقوله : { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه الآية : نزل بعدها { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [ الفتح : 2 ] . وهكذا قال عكرمة ، والحسن ، وقتادة : إنها منسوخة بقوله : { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } ، قالوا : ولما نزلت هذه الآية قال رجل من المسلمين : هذا قد بين الله ما هو فاعل بك يا رسول الله ، فما هو فاعل بنا ؟ فأنزل الله : { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ } [ الفتح : 5 ] .

هكذا قال ، والذي هو ثابت في الصحيح أن المؤمنين قالوا : هنيئا لك يا رسول الله ، فما لنا ؟ فأنزل الله هذه الآية .

وقال الضحاك : { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ } : ما أدري بماذا أومر ، وبماذا أنهى بعد هذا ؟

وقال أبو بكر الهذلِيّ ، عن الحسن البصري في قوله : { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ } قال : أما في الآخرة فمعاذ الله ، قد علم أنه في الجنة ، ولكن قال : لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا ، أخرج كما أخرجت الأنبياء [ من ] {[26383]} قبلي ؟ أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي ؟ ولا أدري أيخسف بكم أو تُرمون بالحجارة ؟

وهذا القول هو الذي عَوّل عليه ابن جرير ، وأنه لا يجوز غيره ، ولا شك أن هذا هو اللائق به ، صلوات الله وسلامه عليه ، فإنه بالنسبة إلى الآخرة جازم أنه يصير إلى الجنة هو ومن اتبعه ، وأما في الدنيا فلم يدر ما كان يئُول إليه أمره وأمر مشركي قريش إلى ماذا : أيؤمنون أم يكفرون ، فيعذبون فيستأصلون بكفرهم{[26384]} ؟ فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد :

حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أم العلاء - وهي امرأة من نسائهم - أخبرته - وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - قالت : طار لهم في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين عثمانُ بن مظعون . فاشتكى عثمان عندنا فَمرَّضناه ، حتى إذا توفي أدْرَجناه في أثوابه ، فدخل علينا رسول الله فقلت : رحمة الله عليك أبا السائب ، شهادتي عليك ، لقد أكرمك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما يدريك أن الله أكرمه ؟ " فقلت : لا أدري بأبي أنت وأمي ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما هو فقد جاءه{[26385]} اليقين من ربه ، وإني لأرجو له الخير ، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ! " قالت : فقلت : والله لا أزكي أحدا بعده أبدا . وأحزنني ذلك ، فنمت فرأيت لعثمان عينا تجري ، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذاك{[26386]} عمله " .

فقد انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم{[26387]} ، وفي لفظ له : " ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به " {[26388]} . وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ ، بدليل قولها : " فأحزنني ذلك " . وفي هذا وأمثاله دلالة على أنه لا يقطع لمعين بالجنة إلا الذي {[26389]} نص الشارع على تعيينهم ، كالعشرة ، وابن سلام ، والغُميصاء ، وبلال ، وسراقة ، وعبد الله بن عمرو بن حرام والد{[26390]} جابر ، والقراء السبعين الذين قتلوا ببئر معونة ، وزيد بن حارثة ، وجعفر ، وابن رواحة ، وما أشبه هؤلاء .

وقوله : { إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ } أي : إنما أتبع ما ينزله الله عليَّ من الوحي ، { وَمَا أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : بين النّذَارة ، وأمري {[26391]} ظاهر لكل ذي لب وعقل .


[26382]:- (2) في ت، م، أ: "وتستبعدون".
[26383]:- (3) زيادة من أ.
[26384]:- (1) في ت، أ: "كغيرهم".
[26385]:- (2) في أ: "جاءه والله".
[26386]:- (3) في ت: "ذلك".
[26387]:- (4) المسند (6/436) وصحيح البخاري برقم (1243).
[26388]:- (5) صحيح البخاري برقم (2687).
[26389]:- (6) في أ: "الذين".
[26390]:- (7) في ت: "أبو".
[26391]:- (8) في أ: "أرى".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعٗا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدۡرِي مَا يُفۡعَلُ بِي وَلَا بِكُمۡۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ وَمَآ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٞ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ الرّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ إِلَيّ وَمَآ أَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ مّبِينٌ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لمشركي قومك من قريش ما كُنْتُ بِدْعا مِنَ الرّسُل يعني : ما كنت أوّل رسل الله التي أرسلها إلى خلقه ، قد كان من قبلي له رسل كثيرة أُرسلت إلى أمم قبلكم يقال منه : هو بدع في هذا الأمر ، وبديع فيه ، إذا كان فيه أوّل . ومن البدع قول عديّ بن زيد .

فَلا أنا بِدْعٌ مِنْ حَوَادِثَ تَعْتَرِي *** رِجالاً عَرَتْ مِنْ بَعْدِ بُؤْسَي وأسْعُدِ

ومن البديع قول الأحوص :

فَخَرَتْ فانْتَمَتْ فقُلْتُ انْظُرِيني *** ليسَ جَهْلٌ أتَيْتِهِ بِبَدِيعِ

يعني بأوّل ، يقال : هو بدع من قوم أبداع . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : ما كُنْتُ بِدْعا مِنَ الرّسُلِ يقول : لست بأوّل الرسل .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَما كُنْتُ بِدْعا مِنَ الرّسُلِ قال : يقول : ما كنت أوّل رسول أُرسل .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ما كُنْتُ بِدْعا مِنَ الرّسُلِ قال : ما كنت أوّلهم .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن معاوية ، عن أبي هبيرة ، قال : سألت قتادة قُلْ ما كُنْتُ بِدْعا مِنَ الرّسُلِ قال : أي قد كانت قبلي رسل .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : قُلْ ما كُنْتُ بِدْعا مِنَ الرّسُلِ يقول : أي إن الرسل قد كانت قبلي .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : بِدْعا مِنَ الرّسُلِ قال : قد كانت قبله رسل .

وقوله : وَما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : عني به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل له : قل للمؤمنين بك ما أدري ما يفعل بي ولا بكم يوم القيامة ، وإلام نصير هنالك ، قالوا ثم بين الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين به حالهم في الاَخرة ، فقيل له إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحا مُبِينا . لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأخّرَ وقال : لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفّرَ عَنْهُمْ سَيّئاتِهِمْ . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ فأنزل الله بعد هذا لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأخّرَ .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، عن الحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة والحسن البصري قالا : قال في حم الأحقاف وَما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ، إنْ أتّبِعُ إلاّ ما يُوحَى إليّ وَما أنا إلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ فنسختها الاَية التي في سورة الفتح إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحا مُبِينا لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ . . . الاَية ، فخرج نبيّ الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الاَية ، فبشرهم بأنه غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ، فقال له رجال من المؤمنين : هنيئا لك يا نبيّ الله ، قد علمنا ما يفعل بك ، فماذا يُفعل بنا ؟ فأنزل الله عزّ وجلّ في سورة الأحزاب ، فقال : وَبَشّرِ المُؤْمِنِينَ بأنّ لَهُمْ مِنَ اللّهِ فَضْلاً كَبيرا وقال لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهارُ خالِدِينَ فِيها ، وَيُكَفّرَ عَنْهُمْ سَيّئاتهِمْ وكان ذلكَ عِنْدَ اللّهِ فَوْزا عَظِيما ، وَيُعَذّبَ المُنافِقِينَ وَالمُنَافِقاتِ وَالمُشْرِكينَ وَالمُشْركاتِ الظّانّينَ باللّهِ . . . الاَية ، فبين الله ما يفعل به وبهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَما أدْرِي ما يُفَعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ثم دري أو علم من الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ما يفعل به ، يقول إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحا مُبِينا لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأخّرَ .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : وَما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ قال : قد بين له أنه قد غفر من ذنبه ما تقدّم وما تأخر .

وقال آخرون : بل ذلك أمر من الله جلّ ثناؤه نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقوله للمشركين من قومه ويعلم أنه لا يدري إلام يصير أمره وأمرهم في الدنيا ، أيصير أمره معهم أن يقتلوه أو يخرجوه من بينهم ، أو يؤمنوا به فيتبعوه ، وأمرهم إلى الهلاك ، كما أهلكت الأمم المكذّبة رسلها من قبلهم أو إلى التصديق له فيما جاءهم به من عند الله . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا أبو بكر الهذليّ ، عن الحسن ، في قوله : وَما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ فقال : أما في الاَخرة فمعاذ الله ، قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل ، ولكن قال : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا ، أخرج كما أخرجت الأنبياء قبلي أو أُقتل كما قُتلت الأنبياء من قبلي ، ولا أدري ما يُفْعل بي ولا بكم ، أمتي المكذّبة ، أم أمتي المصدّقة ، أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفا ، أم مخسوف بها خسفا ، ثم أوحي إليه : وَإذْ قُلْنا لَكَ إنّ رَبّكَ أحاطَ بالنّاسِ يقول : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك ، فعرف أنه لا يُقتل ، ثم أنزل الله عزّ وجلّ : هُوَ الّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بالهُدَى وَدِينِ الحَقّ لِيُظْهِرَهُ على الدّين كُلّهِ ، وَكَفَى باللّهٍ شَهِيدا يقول : أشهد لك على نفسه أنه سيُظهر دينك على الأديان ، ثم قال له في أمته : وَما كانَ اللّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وأنْتَ فِيهِمْ ، وَما كانَ اللّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ فأخبره الله ما يصنع به ، وما يصنع بأمته .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وما أدري ما يفترض عليّ وعليكم ، أو ينزل من حكم ، وليس يعني ما أدري ما يفعل بي ولا بكم غدا في المعاد من ثواب الله من أطاعه ، وعقابه من كذّبه .

وقال آخرون : إنما أمر أن يقول هذا في أمر كان ينتظره من قِبَل الله عزّ وجلّ في غير الثواب والعقاب .

وأولى الأقوال في ذلك بالصحة وأشبهها بما دلّ عليه التنزيل ، القول الذي قاله الحسن البصري ، الذي رواه عنه أبو بكر الهُذَليّ .

وإنما قلنا ذلك أولاها بالصواب لأن الخطاب من مبتدإ هذه السورة إلى هذه الاَية ، والخبر خرج من الله عزّ وجلّ خطابا للمشركين وخبرا عنهم ، وتوبيخا لهم ، واحتجاجا من الله تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم عليهم . فإذا كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن هذه الاَية أيضا سبيلها سبيل ما قبلها وما بعدها في أنها احتجاج عليهم ، وتوبيخ لهم ، أو خبر عنهم . وإذا كان ذلك كذلك ، فمحال أن يقال للنبيّ صلى الله عليه وسلم : قل للمشركين ما أدري ما يُفعل بي ولا بكم في الاَخرة ، وآيات كتاب الله عزّ وجلّ في تنزيله ووحيه إليه متتابعة بأن المشركين في النار مخلدون ، والمؤمنون به في الجنان منعمون ، وبذلك يرهبهم مرّة ، ويرغبهم أخرى ، ولو قال لهم ذلك ، لقالوا له : فعلام نتبعك إذن وأنت لا تدري إلى أيّ حال تصير غدا في القيامة ، إلى خفض ودعة ، أم إلى شدّة وعذاب وإنما اتباعنا إياك إن اتبعناك ، وتصديقنا بما تدعونا إليه ، رغبة في نِعمة ، وكرامة نصيبها ، أو رهبة من عقوبة ، وعذاب نهرب منه ، ولكن ذلك كما قال الحسن ، ثم بين الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما هو فاعل به ، وبمن كذّب بما جاء به من قومه وغيرهم .

وقوله : إنْ أتّبِعُ إلاّ ما يُوحَى إليّ يقول تعالى ذكره : قل لهم ما أتبع فيما آمركم به ، وفيما أفعله من فعل إلا وحي الله الذي يوحيه إليّ ، وَما أنا إلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ يقول : وما أنا لكم إلا نذير ، أنذركم عقاب الله على كفركم به مبين : يقول : قد أبان لكم إنذاره ، وأظهر لكم دعاءه إلى ما فيه نصيحتكم ، يقول : فكذلك أنا .