لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَمَا بِكُم مِّن نِّعۡمَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيۡهِ تَجۡـَٔرُونَ} (53)

قوله عز وجل : { وما بكم من نعمة فمن الله } يعني : من نعمة الإسلام ، وصحة الأبدان وسعة الأرزاق ، وكل ما أعطاكم من مال أو ولد فكل ذلك من الله تعالى ، إنما هو المتفضل بها على عباده ، فيجب عليكم شكره على جميع إنعامه . ولما بين في الآية المتقدمة أنه يجب على جميع العباد أن لا يخافوا إلا الله تعالى ، بين في هذه الآية أن جميع النعم منه ، لا يشكر عليها إلا إياه ؛ لأنه هو المتفضل بها على عباده ، فيجب عليهم شكره عليها { ثم إذا مسَّكم الضر } أي : الشدة والأمراض والأسقام . { فإليه تجأرون } يعني : إليه تستغيثون ، وتصيحون وتضجون بالدعاء ، ليكشف عنكم ما نزل بكم من الضرر والشدة . وأصل الجؤار هو رفع الصوت الشديد ، ومنه جؤار البقر . والمعنى : أن النعم لما كانت كلها ابتداء منه ، فإن حصل شدة وضر في بعض الأوقات ، فلا يلجأ إلا إليه ، ولا داعي إلا إياه ليكشفها ، فإنه هو القادر على كشفها .