قوله تعالى : { وَمَا بِكُم } : يجوز في " ما " وجهان ، أحدهما : أن تكونَ موصولةً ، والجارُّ صلتُها ، وهي مبتدأٌ ، والخبرُ قولُه { فَمِنَ اللَّهِ } والفاءُ زائدةٌ في الخبر لتضمُّنِ الموصولِ معنى الشرطِ ، تقديره : والذي استقرَّ بكم . و { مِّن نِّعْمَةٍ } بيان للموصول . وقدَّر بعضُهم متعلِّق " بكم " خاصَّاً فقال : " وما حَلَّ بكم أو نزل بكم " وليس بجيدٍ ؛ إذ لا يُقَدَّرُ إلا كونٌ مطلقٌ .
والثاني : أنها شرطية ، وفعلُ الشرطِ بعدها محذوفٌ وإليه نحا الفراء ، وتبعه الحوفيُّ وأبو البقاء . قال الفراء : " التقدير : وما يكنْ بكم " . وقد رُدَّ هذا بأنه لا يُحْذَفُ فعلٌ إلا بعد " إنْ " خاصةً ، في موضعين ، أحدُهما : أن يكون في باب الاشتغال نحو : { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ }
[ التوبة : 6 ] لأنَّ المحذوفَ في حكمِ المذكورِ . والثاني : أن تكونَ " إنْ " متلوَّةً ب " لا " النافية ، وأنْ يَدُلَّ على الشرطِ ما تقدَّمه من الكلامِ كقوله :
فطلِّقْها فَلَسْتَ لها بكُفْءٍ *** وإلاَّ يَعْلُ مَفْرِقَك الحُسامُ
أي : وإن لا تُطَلِّقْها ، فَحَذَفَ لدلالةِ قوله " فَطَلِّقْها " عليه فإن لم توجَدْ " لا " النافيةُ ، أو كانت الأداةُ غيرَ " إنْ " لم يُحْذَفْ إلا ضرورةً ، مثالُ الأول :
قالَتْ بناتُ العمِّ يا سَلْمَى وإنْ *** كان فقيرا مُعْدِماً قالت : وإنْ
أي : وإن كان غنياً رَضِيتُه . ومثالُ الثاني :
صَعْدَة نابتةٌ في حائرٍ *** اَيْنَما الريحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
فمتى واغِلٌ يَنُبْهُمْ يُحَيُّو *** ه وتُعْطَفْ عليه كأسُ الساقي
قوله : { فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } الفاءُ جوابُ " إذا " . والجُؤار رَفْعُ الصوتِ ، قال رؤبة يصفُ راهباً . /
يُراوِحُ مِنْ صلواتِ المَلِي *** كِ طَوْراً سُجوداً وطَوْراً جُؤاراً
ومنهم مَنْ قَيَّده بالاستغاثة ، وأنشد الزمخشري :
جَآَّرُ ساعاتِ النيامِ لربِّه *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقيل : الجُؤَار كالخُوار ، جَأَر الثورُ وخارَ واحد ، إلا أنَّ هذا مهموزُ العين وذلك معتلُّها . وقال الراغب : " جَأَر إذا أفرط في الدعاء والتضرع ، تشبيهاً بجُؤَارِ الوَحْشِيَّات " .
وقرأ الزهري : " تَجَرون " بحذفِ الهمزةِ وإلقاء حركتها على الساكنِ قبلَها ، كما قرأ نافع " رِدَّاً " في " رِدْءاً " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.