لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُمۡ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِهِۦۖ وَنَحۡشُرُهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ عُمۡيٗا وَبُكۡمٗا وَصُمّٗاۖ مَّأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا} (97)

{ ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه } أي يهدونهم وفيه أيضاً تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أن الذين حكم لهم بالإيمان والهداية وجب أن يصيروا مؤمنين ومن سبق لهم حكم الله بالضلال والجهل استحال أن ينقلبوا عن ذلك { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم } ( ق ) عن أنس أن رجلاً قال : يا رسول الله قال الله الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أيحشر الكافر على وجهه قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا ، قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة ؟ قال قتادة حين بلغه بلى وعزة ربنا » وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف صنفاً مشاة ، وصنفاً ركباناً ، وصنفاً على وجوههم . قيل يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك » أخرجه الترمذي الحدب كل ما ارتفع من الأرض { عمياً وبكماً وصماً } أي لا يبصرون ولا ينطقون ولا يسمعون . فإن قلت : كيف وصفهم بأنهم عمي وبكم وصم وقد قال الله تعالى { ورأى المجرمون النار } وقال { دعوا هنالك ثبوراً } وقال { سمعوا لها تغيظاً وزفيراً } فأثبت لهم الرؤية والكلام والسمع . قلت فيه أوجه : أحدها قال ابن عباس معناه عمياً لا يبصرون ما يسرهم بكماً لا ينطقون بحجة صماً لا يسمعون ما يسرهم . الوجه الثاني : قيل معناه يحشرون على ما وصفهم الله وتعالى : ثم تعاد إليهم هذه الأشياء . الوجه الثالث : قيل معناه هذا حين يقال لهم اخسئوا فيها ، ولا تكلمون فيصيرون بأجمعهم عمياً وبكماً وصماً لا يرون ولا ينطقون ولا يسمعون { مأواهم جهنم كلما خبت } أي سكن لهيبها . وقيل : ضعفت وهدأت من غير أن يوجد نقصان في إيلام الكفار ، لأن الله سبحانه وتعالى قال : لا يفتر عنهم وقيل معناه أرادت أن تخبو { زدناهم سعيراً } أي وقوداً وقيل معناه خبت أي نضجت جلودهم واحترقت أعيدوا إلى ما كانوا عليه ، وزيد في سعير النار لتحرقهم .