الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُمۡ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِهِۦۖ وَنَحۡشُرُهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ عُمۡيٗا وَبُكۡمٗا وَصُمّٗاۖ مَّأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا} (97)

أخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وأبو نعيم في المعرفة ، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن أنس رضي الله عنه قال : «قيل : يا رسول الله ، كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ قال : الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم » .

واخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال : «قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { الذين يحشرون على وجوههم } [ الفرقان : 34 ] الآية . فقالوا : يا نبي الله وكيف يمشون على وجوههم ؟ قال : أرأيت الذي أمشاهم على أقدامهم ؟ أليس قادراً على أن يمشيهم على وجوههم ؟ ؟ . . . » .

وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه ، وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في البعث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف : صنف مشاة ، وصنف ركبان ، وصنف على وجوههم . قيل : يا رسول الله ، وكيف يمشون على وجوههم ؟ قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم . أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك » .

وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث ، عن أبي ذر رضي الله عنه أنه تلا هذه الآية { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً } فقال : حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : «أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج : فوج طاعمين كاسين راكبين ، وفوج يمشون ويسعون ، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم » .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن مردويه والحاكم ، عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنكم تحشرون رجالاً وركباناً ، وتجرون على وجوهكم ههنا ، ونحى بيده نحو الشام » .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { عمياً } قال : لا يرون شيئاً يسرهم { وبكماً } قال : لا ينطقون بحجة { وصماً } قال : لا يسمعون شيئاً يسرهم .

وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تغبطن فاجراً بنعمة ، فإن من ورائه طالباً حثيثاً » وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيراً } .

وأخرج البيهقي في الشعب ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الدنيا خضرة حلوة ؛ من اكتسب فيها مالاً من غير حله وأنفقه في غير حله ، أحلّه دار الهوان . ورُبَّ متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة . يقول الله : { كلما خبت زدناهم سعيراً } » .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { مأواهم جهنم } يعني ، أنهم وقودها .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق علي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { كلما خبت } قال : سكنت .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { كلما خبت زدناهم سعيراً } . قال : كلما طفئت أسعرت وأوقدت .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { كلما خبت زدناهم سعيراً } قال : كلما أحرقتهم سعر بهم حطباً ، فإذا أحرقتهم فلم يبق منهم شيء صارت حمراء تتوهج . فذلك خبؤها ، فإذا بدلوا خلقاً جديداً عاودتهم .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله : { كلما خبت زدناهم سعيراً } يقول : كلما احترقت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب .

وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : { كلما خبت } قال : الخبء ، الذي يطفأ مرة ويشعل أخرى . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول :

وتخبو النار عن أدنى أذاهم . . . وأضرمها إذا ابتردوا سعيراً

وأخرج ابن الأنباري عن أبي صالح في قوله : { كلما خبت } قال : معناه كلما حميت .