محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُمۡ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِهِۦۖ وَنَحۡشُرُهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ عُمۡيٗا وَبُكۡمٗا وَصُمّٗاۖ مَّأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا} (97)

/ [ 97 ] { ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا 97 } .

{ ومن يهد الله } أي إلى الحق بما جاء من قبله إلى الهدى : { فهو المهتد ، ومن يضلل } أي يخلق فيه الضلال بسوء اختياره ، كهؤلاء المعاندين : { فلن تجد لهم أولياء من دونه } أي أنصارا يهدونهم ويحفظونهم من قهره ، وإنما أوثر ضمير الجماعة في { لهم } حملا على معنى { من } وأوثر في ما قبله الإفراد ، حملا على اللفظ . وسر الاختلاف في المتقابلين الإشارة إلى وحدة طريق الحق ، وقلة سالكيه ، وتعدد سبل الضلال وكثرة الضّلال : { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم } أي يسحبون عليها كقوله{[5499]} : { يوم يسحبون في النار على وجوههم } .

وقال القاشاني : أي ناكسي الرؤوس لانجدابهم إلى الجهة السفلية ! وعلى وجوداتهم وذواتهم التي كانوا عليها في الدنيا . كقوله : ( كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون ) إذ ( الوجه ) يعبر به عن الذات الموجودة مع جميع عوارضها ولوازمها . أي على الحالة الأولى من غير زيادة ونقصان . وقوله تعالى : { عميا وبكما وصما } أي كما كانوا في الدنيا لا يستبصرون ولا ينطقون بالحق ، ويتصامّون عن استماعه فهم في الآخرة كذلك لا يبصرون ما يقر أعينهم ، ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم ، ولا ينطقون بما يقبل منهم{[5500]} : { ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى } كذا في ( الكشاف ) ؛ { مأواهم جهنم كلما خبث } أي سكن لهيبها ، بأن أكلت جلودهم ولحومهم : { زدناهم سعيرا } أي توقدا . بأن نبدل جلودهم ولحومهم ، فتعود ملتهبة مستعرة .


[5499]:[54 / القمر / 48].
[5500]:[17 / الإسراء / 72].