قوله تعالى : { وَمَن يَهْدِ اللَّهُ } : يجوز أن تكونَ هذه الجملةُ مندرجةً تحت المَقُولِ ، فيكون محلُّها نصباً ، وأن تكونَ مِنْ كلامِ اللهِ ، فلا مَحَلَّ لها لاستئنافِها ، ويكون في الكلامِ التفاتٌ ؛ إذ فيه خروجٌ مِنْ غَيْبَةٍ إلى تكلُّم في قوله " ونَحْشُرهم " .
وحُمِل على لفظِ " مَنْ " في قولِه " فهو المهتدِ " فَأُفْرِد ، وحُمِل على معنى " مَنْ " الثانيةِ في قولِه { وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ } . فجُمعَ . ووجهُ المناسبةِ في ذلك -والله أعلم - : أنه لمَّا كان الهَدْي شيئاً واحداً غيرَ متشعبِ السبلِ ناسَبَه التوحيدُ ، ولمَّا كان الضلالُ له طرقٌ نحو : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } [ الأنعام : 153 ] ناسب الجمعُ الجمعَ ، وهذا الحملُ الثاني مِمَّا حُمِل فيه على المعنى ، وإن لم يتقدَّمْه حَمْلٌ على اللفظ . قال الشيخُ : " وهو قليلٌ في القرآن " . يعني بالنسبةِ إلى غيرِه . ومثلُه قوله : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } [ يونس : 42 ] ويمكن أن يكونَ المُحَسِّنَ لهذا كونُه تقدَّمَه حَمْلٌ على اللفظِ وإنْ كان في جملةٍ أخرى غيرِ جملتِه .
وقرأ نافعٌ وأبو عمروٍ بإثباتِ ياء " المُهْتدي " وصلاً وحَذْفْها وقفاً ، وكذلك في التي تحت هذه السورة ، وحَذَفها الباقون في الحالين .
قوله : { عَلَى وُجُوهِهِمْ } يجوز أَنْ يتعلَّقَ بالحشر ، وأن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من المفعول ، أي : كائنين ومَسْحوبين على وجوههم .
قوله : " عُمْياً " يجوز أن تكونَ حالاً ثانية ، أو بدلاً من الأولى ، وفيه نظرٌ ؛ لأنه تَظْهَرُ أنواعُ البدلِ وهي : كلٌّ من كل ، ولا بعضٌ من كل ، ولا اشتمالٌ ، وأن تكونَ حالاً من الضمير المرفوع في الجارِّ لوقوعِهِ حالاً ، وأن تكونَ حالاً من الضميرِ المجرورِ في " وجوهِهم " .
قوله : { مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } يجوزُ في هذه الجملةِ الاستئنافُ والحاليةُ : إمَّا من الضميرِ المنصوبِ أو المجرورِ .
قوله : { كُلَّمَا خَبَتْ } يجوز فيها الاستئنافُ والحاليةُ مِنْ " جهنم " ، والعاملُ فيها معنى المَأْوَى .
وخَبَتِ النار تَخْبُو : إذا سكن لهَبُها ، فإذا ضَعُفَ جَمْرُها قيل : خَمَدَتْ ، فإذا طُفِئَتْ بالجملةِ قيل : هَمَدَت . قال :
وَسْطُه كاليَراعِ أو سُرُجِ المِجْ *** دَلِ حِيْناً يَخْبُو وحِيناً ينيرُ
لِمَنْ نارٌ قبيل الصُّبْ *** حِ عند البيتِ ما تَخْبُو
إذا ما أُخْمِدَتْ اُلْقِيْ *** عليها المَنْدَلُ الرَّطْبُ
وأَدْغَم التاءَ في زاي " زِدْناهم " وأبو عمروٍ والأخَوان وورشٌ ، وأظهرها الباقون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.