الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُمۡ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِهِۦۖ وَنَحۡشُرُهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ عُمۡيٗا وَبُكۡمٗا وَصُمّٗاۖ مَّأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا} (97)

ثم أخبر سبحانه أنه يحشرهم على الوُجُوه حقيقةً ، وفي هذا المعنى حديثٌ ، قيل : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ يَمْشِي الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ ؟ قال : ( أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ في الدُّنْيَا عَلَى رِجْلَيْنِ قَادِراً عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ في الآخِرَةِ عَلَى وَجهِهِ ؟ ) قال قتادة : بَلَى ، وَعِزَّةِ رَبِّنا .

( ت ) : وهذا الحديثُ قد خرَّجه الترمذيُّ من طريق أبي هريرة ، قال : قال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَة عَلَى ثَلاَثَةِ أَصْنَافٍ : رُكْبَاناً ، ومُشَاةً ، وعَلَى وُجُوهِهِم ) الحديثَ .

وقوله : { كُلَّمَا خَبَتْ } [ الإسراء : 97 ] أي : كلما فرغَتْ من إِحراقهم ، فسكن اللهيبُ القائمُ عليهم قَدْرَ ما يعادون ، ثم يثورُ ، فتلك زيادة السعير ، قاله ابن عَبَّاس .

قال( ع ) : فالزيادة في حيِّزهم ، وأما جهنَّم ، فعلى حالها من الشدَّة ، لا فتور ، وخَبَتِ النارُ ، معناه : سَكَن اللهيبُ ، والجَمْرُ على حاله ، وخَمَدَتْ معناه ، سكَن الجَمْر وضَعُف ، وهَمَدَتْ معناه : طُفِئت جملةً .