الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (44)

وقوله تعالى : { أَتَأْمُرُونَ }[ البقرة :44 ] .

خرج مخرج الاستفهامِ ، ومعناه : التوبيخُ ، و البِرُّ : يجمع وجوه الخيرِ والطاعاتِ . { وتَنسَوْنَ } معناه : تتركون أنفسكم .

قال ابنُ عَبَّاس : كان الأحبار يأمرون أتباعهم ومقلِّديهم باتباع التوراة ، وكانوا هم يخالفونَهَا في جَحْدهم منْها صفةَ محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وقالت فرقة : كان الأحبار إذا استرشدَهُمْ أحد من العرب في اتباع محمَّد صلى الله عليه وسلم ، دلُّوه على ذلك ، وهم لا يفعلونه .

( ت ) : وخرَّج الحافظُ أبو نُعَيْمٍ أحمد بن عبد اللَّه الأصبهانيُّ في كتاب «رِيَاضَةِ المُتَعَلِّمِينَ » ، قال : " حدَّثنا أبو بكر بن خَلاَّد ، حدَّثنا الحارث بن أبي أُسَامَةَ ، حدثنا أبو النَّضْرِ ، حدثنا محمَّد بن عبد اللَّه بن علي بن زيْدٍ عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : ( رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالاً تُقْرَضُ أَلْسِنَتُهُمْ وَشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ الخُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ ، وَيَنْسُونَ أَنْفُسَهُمْ ، وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ ) انتهى .