قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) ذكر في الشمس الضياء والقمر النور . فهو ، والله أعلم ، لأن الليل مظلم ، يظهر نور القمر فيه ، ويغلب على ظلمة الليل ، ويقهرها . وأما النهار فهو مبصر على ما ذكر عز وجل ( والنهار مبصرا )[ يونس : 67 ] . جعل فيه النور ، فلو جعل في الشمس النور خاصة لكان [ لا ][ من م ، ساقطة من الأصل ] يظهر نور الشمس خاصة ، ولا غلب نورها على نور النهار ، فكانت تذهب المنافع التي جعل فيها ، وجعل عز وجل بلطفه فيها ضياء ، ليظهر نورها على نور النهار ، ويغلبه ، ويقهره ، لتظهر المنافع التي جعل فيها للخلق ، وهو ما ذكر أنه ( مد الظل )[ الفرقان : 45 ] .
وأخبر أنه لو شاء لجعله ساكنا [ ولو كان ساكنا ][ من م ، ساقطة من الأصل ] ممتدا على ما جعل بقوله : ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل )[ الفرقان : 45 ] لكان لا يعرف الظل . ثم أخبر أنه جعل الشمس دليلا عليه ليعرف بها الظل الممدود [ فنسخت الشمس ذلك الممدود ][ من م ، ساقطة من الأصل ] وشيئا بعد شيء ، فصارت الشمس يعرف بها الظل ، وبها يظهر ذلك الضياء الذي في الشمس كان به يعرف نورها من نور [ النهار ][ من م ، ساقطة من الأصل ] وبه يوصل إلى منافع الشمس . ولو كان نورا لكان لا يعرف ولا يظهر ؛ إذ لا يغلب أحدهما صاحبه ، والله أعلم ، ولا تعرف آية الشمس أنها[ في الأصل في ، ساقطة من م ] آية النهار .
ثم جعل آية الشمس غالبة على جميع الآيات ؛ لا تبصر النجوم بالنهار أصلا ، والقمر ، وإن كان يبصر ، ويرى بحال فإن نور الشمس قد يغلبه ، ويقهره ، حتى لا يظهر أبدا .
وقوله تعالى : ( وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) يشبه أن يكون التقدير الذي ذكر لهما جميعا ، ويعرف الحساب وعدد السنين بهما جميعا ، وكذلك ذكر في حرف حفصة : وقدرهما منازل .
وجائزا أن يكون [ جعل ][ ساقطة من الأصل وم ] الشمس بالذي تعرف بها أوقات الصلاة والأزمنة من الشتاء والصيف ، لا يعرف ذلك بالقمر ، وجعل في القمر معرفة الشهور والسنين ، وفي الشمس معرفة أوقات الصلاة والأزمنة ، لا تعرف الشهور والسنون [ بها ][ ساقطة من الأصل وم ] إلا بعد جهد ، وبالقمر لا تعرف أوقات الصلاة والأزمنة .
جعل الله في الشمس منفعتين : منفعة التقلب ومعرفة الأزمنة ، ومنفعة نضج الأشياء وينعها ، وفي القمر منفعتين أيضا : إحداهما[ في الأصل وم : أحدهما ] معرفة حساب الأيام والشهور والسنين والثانية[ في الأصل وم : و ] منفعة نضج الأنزال والأشياء .
وقوله تعالى : ( لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) ليس أن يُعرف هذا بهما ، ولا يعرف غيره ، بل يعرف ما ذكر وأشياء كثيرة .
وقوله تعالى : ( مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقّ ) قال أبو بكر الأصم الكيساني : ( مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقّ ) أي ما خلق الله ذلك إلا وقد فيه دلالة على معرفته . وقال قائلون : ( مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقّ ) أي ما خلق الله ذلك إلا وقد جعل فيه الشهادة له على الخلق ، وهي شهادة الوحدانية والألوهية . وقال بعضهم : ( مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ ) بالأمر الكائن لا محالة ، وهو البعث .
ويحتمل قوله : ( مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقّ ) أي بالحكمة ، لم يخلق ذلك عبثا باطلا ، وهو كقوله : ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا )[ ص : 27 ] ولكن بحكمة .
وقوله تعالى : ( يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) قيل : يبين ، أو يصرفها لقوم ينتفعون بعلمهم . إنما ذكر الآيات في ما ذكر الآيات ( لقوم يعقلون )[ البقرة : 164أو . . ] و( لقوم يتفكرون )[ الرعد : 3و . . . ] و( لقوم يفقهون )[ الأنعام : 98 ] الآيات التي ينتفعون بها ، ويعقلون الشيء ؛ إنما يعقلون ، يكون للذي ينتفع به لا للذي لا ينتفع به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.