وقوله تعالى : ( أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً ) يحتمل /225-ب/ وجهين ؛ يحتمل أي قد عجبوا ( أن أوحينا إلى رجل منهم ) ويحتمل أيعجبون ( أن أوحينا إلى رجل منهم ) على الاستئناف .
كانوا يعجبون من ثلاث : من إنزال القرآن على رجل منهم بعجز الخلائق عن إتيان مثله ، ويعجبون من الوحي إلى رجل منهم ، ومن[ في الأصل وم : و ] إرساله رسولا من بين الكل أو من البشر كقوله ( أبعث الله بشرا رسولا )[ الإسراء : 94 ] وكقوله : ( أأنزل عليه الذكر من بيننا )[ ص : 8 ] وكانوا يعجبون من البعث كقوله : ( أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون )الآية[ الصافات : 16 ] .
ثم يحتمل قوله : ( إلى رجل منهم ) أي من البشر ؛ أي لا يعجبون أن أوحينا إلى رجل من البشر ؛ فإن الإيحاء إلى من هو من البشر أبلغ في الحجاج وأقطع للعذر وأقرب إلى الرأفة والرحمة ؛ لأن البشر يعرفون خروج ما هو خارج عن طوق البشر ووسعهم ، ولا يعرفون ذلك من غير جوهرهم وغير جنسهم ، ويألف كل جنس جنسه[ في الأصل وم : بجنسه ] . وكل جوهر جوهره[ في الأصل وم : بجوهره ] ، ولا يألف غير جوهره ولا غير جنسه . فإذا كان ما وصفنا كان بعث الرسول من جنس المبعوث [ إليهم ][ ساقطة من الأصل وم ] وجوهرهم أبلغ في الحجاج وأقطع للعذر وأقرب إلى الرأفة والرحمة .
ويحتمل قوله : ( أن أوحينا إلى رجل منهم ) أي من الأميين ؛ أي لا يعجبوا ( أن أوحينا إلى رجل منهم ) أي أمي فإن ذلك أبلغ في التعريف والحجاج لأنه بعث أميا ، لم يعرفوه بدراسة الكتب المتقدمة أو تلاوة شيء منها ، ولا عرفوه اختلف إلى أحد منهم تعلم[ في الأصل وم : في تعليم ] كتبهم ، ولا عرف أنه كتب شيئا ، أو خط خطا قط .
ثم أخبر عما [ في ][ ساقطة من الأصل وم ] كتبهم على موافقة ما فيها ، وكانت كتبهم بغير لسانه . دل [ هذا ][ ساقطة من الأصل وم ] أنه إنما عرف ذلك بالله تعالى فذلك أبلغ على إثبات الرسالة والحجاج ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( أن أنذر الناس ) قال بعضهم : الإنذار يكون في كل مكروه مرهوب ، والبشارة في كل محبوب مرغوب . وقال بعضهم : ( أن أنذر الناس ) يعني الكفار بالنار ( وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) .
اختلفوا في قوله : ( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) . قال بعضهم : إن لهم الجنة عند ربهم . وقيل : إن لهم الأعمال الصالحة ، يقدمون عليها . وقيل : ( عند ربهم ) محمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم عند ربهم . وقيل : إن لهم الأعمال الصالحة ، قدموها بين أيديهم . [ وقيل ][ ساقطة في الأصل وم ] ( عند ربهم ) أي سلف خير أو سلف وعد ، وعد لهم بذلك ، وكل[ في الأصل وم : وكان ] أصله من القدم .
قال أبو عوسجة : يقال في الكلام : لفلان عندي قدم صدق ويد صدق ؛ أي نعمة قد أسلفها إلي . وقال القتبي : ( عند ربهم ) يعني عملا صالحا قدموه .
وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : ما سبق لهم من السعادة في الذكر الأول ؛ فمن [ في الأصل وم : من ] قال : ( عند ربهم ) هو الشفاعة ، فالقدم كناية عن الشفاعة أي واقعة ، ومن قال : وعد ثواب أعمالهم ؛ فقد[ في الأصل وم : أي ] تقدم لهم وعد حق وصدق .
ويحتمل ( عند ربهم ) أي ثبتت قدمهم ، لا تزل على ما وصف من ثبوت قدم المؤمنين وقرارها[ في الأصل وم : و القرار ] ، ونزل قدم الكافرين كقوله : ( فنزل قدم بعد ثبوتها )[ النحل : 94 ] .
وقوله تعالى : ( قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ) ومن قرأ لسِحر[ انظر معجم القراءات القرآنية ح3/58 ] عنى هذا القرآن ، ومن قرأ ( لساحر ) بالألف عنى به النبي .
ثم السحر هو الذي يتراءى في الظاهر أنه حق ، وهو في الحقيقة باطل ، ثم هو يأخذ الأبصار ، ويأخذ العقول . فأما الذي يأخذ الأبصار فهو[ الفاء ساقطة من الأصل وم ] ما يتراءى الشيء على غير ما هو في الحقيقة ، والذي يأخذ العقول هو أن يذهب بعقله ، فيصير مجنونا كقول[ في الأصل وم : وقال ] فرعون لموسى : ( إني لأظنك يا موسى مسحورا )[ الإسراء : 101 ] أي مجنونا . لكن هؤلاء لم يريدوا بقوله : ( لساحر مبين ) السحر الذي يأخذ [ العقول ، ولكن أرادوا السحر الذي لا يأخذ ][ من م ، ساقطة من الأصل ] الأبصار . يقولون[ في الأصل وم : يقول ] : إنه وإن كان أخذ الأبصار في الظاهر فهو لا شيء في الحقيقة ، ولكن في قولهم : ( إن هذا لساحر مبين ) دليل أنهم عجزوا عن رده ، وعرفوا أنه حق ، ولكنهم أرادوا التمويه على الناس كقول فرعون لسحرته حين[ من م ، ساقطة من الأصل ] آمنوا برب موسى : ( إنه لكبيركم الذي علمكم السحر )[ طه : 71 ] أراد أن يموه على الناس ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.