نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{كَيۡفَ يَهۡدِي ٱللَّهُ قَوۡمٗا كَفَرُواْ بَعۡدَ إِيمَٰنِهِمۡ وَشَهِدُوٓاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقّٞ وَجَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (86)

لما أخبر سبحانه وتعالى بخسارة من ارتد عن الإسلام شرع يستدل على استحقاقه لذلك بقوله : { كيف يهدي الله } مع ما له من كمال العظمة { قوماً } أي يخلق الهداية في قلوب{[18199]} ناس بهم قوة المحاولة لما يريدونه { كفروا } أي أوقعوا الكفر بالله ربهم وبما ذكر مما أتت به رسله إعراضا عنه وعنهم ، ولما كان المقصود بكمال الذم من استمر{[18200]} كفره إلى الموت قال من غير جار : { بعد إيمانهم } بذلك كله

{ وشهدوا } أي وبعد أن شهدوا { أن الرسول حق } بما عندهم من العلم به { وجاءهم البينات }{[18201]} أي القاطعة بأنه حق وأنه رسول الله قطعاً{[18202]} ، لا شيء أقوى من بيانه ولا أشد من ظهوره بما أشعر به إسقاط{[18203]} تاء التأنيث{[18204]} من جاء .

ولما كان الحائد{[18205]} عن الدليل بعد البيان لا يرجى في الغالب عوده كان الاستبعاد{[18206]} بكيف موضحاً لأن التقدير لأجل التصريح بالمراد : أولئك لا يهديهم الله لظلمهم{[18207]} بوضعهم ثمرة الجهل بنقض عهد الله سبحانه وتعالى المؤكد بواسطة رسله موضع{[18208]} ثمرة العلم ، فعطف{[18209]} على هذا المقدر المعلوم تقديره قوله : { والله } أي الذي له الكمال كله { لا يهدي القوم الظالمين * } أي الغريقين في الظلم لكونه جبلهم على ذلك ، تحذيراً من مطلق الظلم .


[18199]:زيد في الأصل بعده: قوم، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[18200]:من ظ ومد، وفي الأصل: اشتهر.
[18201]:سقط من ظ.
[18202]:سقط من ظ.
[18203]:في ظ: فالتأنيث.
[18204]:في ظ: فالتأنيث.
[18205]:في ظ: المحائل.
[18206]:من ظ ومد، وفي الأصل: الاستناد.
[18207]:سقط من مد.
[18208]:في ظ: مواضع.
[18209]:في ظ: فقولوا.