فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{كَيۡفَ يَهۡدِي ٱللَّهُ قَوۡمٗا كَفَرُواْ بَعۡدَ إِيمَٰنِهِمۡ وَشَهِدُوٓاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقّٞ وَجَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (86)

{ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات } كان هذا من تتمة الوعيد على التولي عن الحق والخروج على الميثاق الذي واثق عليه الأنبياء أممهم من الإيمان برسالات ربنا ورسله وابتغاء ملة غير الإسلام الحنيف فهؤلاء الذين زاغوا يزيغ الله قلوبهم فصدورهم حرجة بهذا الدين القويم .

عن قتادة وعطاء والحسن : نزلت في اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا بإقامتهم على كفرهم . 1ه .

و{ كيف } استفهام يراد به النفي مثل قول الحق سبحانه { كيف يكون للمشركين عهد عند الله ورسوله . . }{[1051]} ؟ أي لا يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله فالآية تبين أن الله لا يهدي إلى الحق قوما كفروا بعد إيمانهم وبعدما علموا أن الرسول حق وبعدما سمعوا الآيات التنزيلية القرآنية ورأوا الآيات التكوينية الآفاقية والأنفسية وشاهدوا معجزات النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم .

{ والله لا يهدي القوم الظالمين } . . يقال : ظاهر الآية أن من كفر بعد إسلامه لا يهديه الله ومن كان ظالما لا يهديه الله وقد رأينا كثيرا من المرتدين قد أسلموا وهداهم الله وكثيرا من الظالمين تابوا عن الظلم ، قيل له : معناه لا يهديهم الله ما داموا مقيمين على كفرهم وظلمهم ولا يقبلون على الإسلام فأما إذا أسلموا وتابوا فقد وفقهم الله لذلك- {[1052]} .


[1051]:من سورة التوبة من الآية 7.
[1052]:من الجامع لأحكام القرآن.